بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 أغسطس 2016

الكتابة وتغييب الطرف الثاني لا شعوريا




An essay on the purpose of writing ...
When Writing: Unconsciously Neglecting the Reader as a Respondent 
Ahmed Khalis Shalan
مقالة في الغاية من الكتابة ...
الكتابة وتغييب الطرف الثاني لا شعوريا 
أحمد خالص الشعلان

وجود الطرف الثاني في عملية خلق النص شيء لم نألفه بعد. فما  السبب في ذلك ؟ مع  انه قد لا يكون سببا واحدا  بل أسباب متعددة ومتنوعة  تصب  جميعها في مجرى إغفال الطرف الثاني  أو تجاهله أو مصادرته أو حتى في تدميره كليا  في اللاوعي أن  تطلب الأمر. وكان استبعاد الآخر متأصل فينا حتى حين  نكتب على الرغم من تشدقنا ليل نهار بأن  الكتابة هي  الباب الذي  ندخل  منه الى برية الحرية.
والمهم هنا هو إدراك أن نفي الآخر دوما هو المنعطف المظلم  الذي يحول النشاط المعرفي الى عدم  لا يقوى على  التطلع حتى الى نسمة حياة أو نهاية أو غاية منطقية. وأزعم هنا أن هذا هو أيضا ما يسبب عقم كل ثقافة أو دين، أو مسعى عقلي  يريد له صاحبه أن  يتبوأ منزلة الحقيقة . فالثنائية لا أريد أن أقول إنها تكاد تكون  بل إنها هي حقا  القانون المطلق للعقل في سعيه للوصول  الى الحقيقة،أو ليس العقل هو مبدع ثنائيات من شاكلة  الله / الشيطان، الخير/ الشر، الجميل: القبيح .... الخ؟ فلم إذن يفترض أغلبنا رياء أو هروبا حين يكتب انه يكتب لنفسه؟ قبل أن ترتقي عمليات العقل والياته الى مستوى التجريد الذي بلغته حتى ألان والمتمثلة بقدرة العقل على خلق " الحاجة / الطرف الأول" و" نقيضها/ الطرف الثاني"  كان العقل  في مراحل الوعي المبكر جدا في الزمن السحيق جدا من تاريخ النشأة الأولى للإنسان جنسا مستقلا عن جنس  الحيوان، أقول كان العقل  يرى في الطبيعة  وكل ما فيها  نقيضه / الطرف الثاني" . وكلما كان  العقل ترتقي فيه الحاجة  في مراحل الوعي  كان  يرتقي معها " الطرف الثاني" الافتراضي، وكأن حركتهما لا تجري إلا سوية، ولكن احدهما عكس الأخر ليكونا الوجود الواعي ولم يرتق عقل الإنسان الى مستوى التجريد المحض متمثلا في قدرته على خلق الصورة ونقيضها إلا حين أدرك لا شعوريا في لحظة دراماتيكية من لحظات تاريخه أن  الطبيعة التي كان يعدها حتى ذلك الحين  نقيضه الطرف الثاني هي ذاتها أيضا تتشكل في حركتها  الموضوعية بشكل طرف أول هو " نقيض" وطرف ثاني هو " نقيضه" اللذين لا يكفان عن حركة سرمدية هي لولب تحولات الطبيعة  ومنذ ذلك  الوقت ابتدأت رحلة ميلودراما الإنسان في لعبته الأزلية مع عقلة، يشعر  بالسعادة  حين يدرك قدرته على خلق آلاف التصورات والأفكار، ولكنه وبمجرد أن يكتشف أن عقله ذاته قادر على خلق نقيض لتلك الآلاف  من التصورات والأفكار  سرعان ما يتلاشى حبوره منكفئا على ذاته يلوم عقله على  ما يسببه له  من جحيم القلق الذي لا يطاق  ولعله لكي يجرد نفسه من هذا الجحيم الذي يسببه له عقله.راحت تتبلور في عقلة لا شعوريا فكرة الواحدية، واقصد هنا " الفكرة الواحدة القائمة بذاتها التي لا تحتاج الى نقيض كي توجد أي خلق ما يريح العقل من الأتون المحتدم الملازم لوظيفته.
فهل كان ذلك متاحا للعقل؟ والى أي حد ذهب العقل من اجل إراحة نفسه ومن قدره المتمثل في خلق ما يخفف عنه.
لنلاحظ بدء أن أية ديانة بدائية تكاد أن لتخلو من الثنائية  ولكنها لا تخلو أيضا  من رديف طموح الى الواحدية، وذلك بإضفاء صفات اقل أهمية أو جاذبية على " النقيض / الطرف الثاني، وكأنه تابع للطرف الأول مثلما يحصل في ثنائية الله / الشيطان! ففكرة الشيطان وعلى الرغم مما يسقط عليها من صفات يراد لها أن تكون  النقض لفكرة الله تظل فكرة لازبة! ولذلك نقول أيضا أن الأديان التوحيدية عند ظهورها ودون استثناء لم تستطع هي نفسها وعلى الرغم من أن راية الإيمان عندها لا تقوم إلا على سارية التوحيد والواحدية المبنية على أساس وجود " اله واحد لا شريك له " أقول هي نفسها لم تخلو مطلقا  من معادلة الثنائية وأعني بذلك وانه لصحيح أنها قالت جميعها باله واحد "لا شريك له" إلا إنها لم تقل قط باله واحد لا نقيض له. وأعني هنا  النقيض / الشيطان/ الطرف الثاني، الذي لا تكتمل فكرة الالوهة إلا بوجوده، وكان الله هو ذاته يدرك بقدرته المعرفية الكلية أن وجود الطرف الثاني / النقيض ليس عرضيا  وإنما  ضروري كي تتضح فكرة الخلق  والربوبية للبشر وهنا يكمن لب المسألة  فما بال البشر لا يفقهون؟!.
تفرض " الثنائية " نفسها شئنا أم أبينا  في النشاط المعرفي. خلقا أو تلقيا  وكأن وجود النقيض/ الطرف الثاني وجود لازب، وليس مؤقتا  أمر مرهونا بمستوى معين من مستويات النشاط المعرفي  أو بكلمات أخرى، ازعم أن وجوده يعد قانونا مطلقا  فبدونه لايمكن للنشاط المعرفي أن يحقق وجودا من نوع الوجود الحقيقة القيمة. وتتنوع مستويات" الثنائية" هذه التي أتحدث عنها بتنوع النشاط المعرفي متخذه شكل دوائر افتراضية:
قد يكون  بالإمكان افتراض وجود ثلاثة أنواع من هذه الثنائية.
الأولى هي في صلب العقل  مبدع الفكرة  بالإمكان تسميتها " الثنائية الذاتية" وهذه الثنائية تميز بالتغذية الراجعة الذاتية.
الثنائية الثانية  موجودة خارج العقل  بالإمكان تسميتها بـ " الثنائية الموضوعية" وتتجلى بوجود نقيضين في العالم الخارجي يدركهما عقل الإنسان، ولايتوقف  وجودها عليه، ولا تخلو هي أيضا من عنصر التغذية الراجعة.
ويقوم العقل بمراقب هذه الثنائية فتنشأ نتيجة هذه المراقبة الإدراكية للعالم  الموضوعي نوع ثالث من هذه "الثنائية" الافتراضية  طرفيها العقل والعالم الموضوعي بما  فيه من أشياء وعقول  بالإمكان تسميتها بـ" الثنائية المتداخلة"، وهي على الرغم من كونها ثنائية، طرفيها: العقل من جانب  وما يقع خارجه من جانب أخر وإلا إنها تحتوي ضمنا على " الثنائية الذاتية" و الثنائية الموضوعية بكل  مستوياتهما والإشكال التي تتخذانها.  وتعد هذه الثنائية أرقى أنواع النشاط المعرفي، لأنها ذات أشكال ومستويات متعددة، احد أشكال هذه الثنائية هي ثنائية: الخالق / الطرف الأول، والمتلقي / الطرف الثاني. تتميز هذه الثنائية ببروز عنصر " التغذية الراجعة" بروزا طاغيا  بخاصة في  الأعمال الإبداعية والبحثية الكتابية دون استثناء فإعادة قراءة أية قصيدة  أو رواية أو قصة  ومشاهدة أية مسرحية واتساع حجم الجمهور الذي يقبل عليها  يعد تغذية راجعة للنقيض /الطرف الأول يقوم بها نقيضه / الطرف  الثاني في سعيه و من خلال حسه النقدي لإملاء المساحات الخالية التي تركها الطرف الأول لا شعوريا في عمله الفني، وكذلك  الحال في الفنون التشكيلية وكذلك الحال في الموسيقى، وكذلك الحال في الكتابة النقدية أو الفلسفية.
ولنلاحظ أن حلقات النشاط المعرفي الأرقى هي تلك الحلقات التي تداخل فيها كل تلك الثنائيات، عدا عن ثنائيات فرعية أضافية تتشكل جميعها. وتتداخل لتصوغ البنية الافتراضية للنشاط المعرفي سواء أكان دينيا أو أدبيا أو فلسفيا أو علميا.
لنأخذ مثلا على ذلك من الثنائيات التي تتداخل لتحقق النشاط المعرفي الذي يتوق إليه  الرسام، تنشأ في ذهن الرسام  في بداية الأمر " ثنائية ذاتية" بين فكرة الموضوع الذي يريد أن يصوره الرسام ونقيض ذلك الموضوع على التوالي(فكرة الشجرة  مثلا ومعها  أية فكرة أخرى نقيضة لها، لا تشبهها في الشكل أو المضمون لغرض المقارنة اللاشعورية) ثم يبدأ توالي الثنائيات بتوجه الرسام بعد ذلك، من طريق الاسترجاع أو المعاينة الواقعية، الى  شجرة بعينها، وعند ذاك تبدأ" الثنائية الموضوعية" في التكشف والانعكاس في ذهن الرسام (صورة الشجرة في العالم الواقعي ونقيضها الإنسان أو أيا من الأشياء التي تحيط بها، ولا تخلو هذه  الثنائية من عنصر التغذية الراجعة في أي من طرفيها. ثم تأتي مرحلة " الثنائية المتداخلة" وهي النوع الثالث، بعد تحقق اللوحة ماديا وظهورها ضمن إطار محدد . وما لم يتحقق هنا، إزاء ظهور اللوحة، ظهور للطرف الثاني وهو المتلقي، ازعم انه حينئذ تكف الثنائية عن كونها ثنائية، ولا  تتعدى كونها أحادية ساكنة فتستحيل اللوحة الى مجرد لطخات لون قد تسعد الفنان بوصفها نوعا من اللعب الممتع، ولكنها لا تعد إبداعا(في مقياس من المقاييس سوى مقياس الذات)، لأنها تفتقر الى الطرف الثاني  نقيضها الذي يبث فيها الحياة، فظهور الطرف  الثاني هو ما يكشف أيضا عن عبقرية الرسام، أو تميزه على  الأقل .
ومن هنا تأتي أهمية عرض الفنان التشكيلي لأعماله في صالات العرض التي تعد ردود فعل الجمهور عليها تغذية راجعة لها ودافعا لتطويرها، وازعم أن أية لوحة مهما ظن بها رسامها من البراعة لا تعد إيداعا أن لم يرها احد غير الرسام، أما مسألة نفي الرسام للجمهور فهذه مسألة فيها نظر.
ولا يختلف الأمر كثيرا في الموسيقى، إذ يتشكل مشروع التأليف الموسيقي بسلسلة الثنائيات التي ذكرناها ذاتها، ولكن بالخواص التي تتمتع بها حاسة السمع عن الحواس الأخرى، يبتدئ اللحن الموسيقي بثنائية من جملة لحنية ونقيضها، ثم تجري مطابقتها مع " الثنائية الموضوعية"واقصد هنا  الصوت ونقيضه الموجودين في الطبيعة .
ومن المدهش هنا أن نتذكر أن الفيلسوف ديكارت حاول أن يبحث فيما إذا كانت الأصوات عند إدراكها تطبع في الذهن صورا مثل تلك الصور التي تطبعها المرئيات في ذهن المدرك . ثم تبتدئ بعد ذلك مرحلة " الثنائية المتداخلة" حين تتحقق مجموعة الألحان وتبقى بانتظار  النقيض/الطرف الثاني/ المتلقي، الذي يحقق للمشروع الموسيقي اكتمال دائرة إبداعه، إذ بدونه ستبقى تلك الألحان مجرد أصوات متنافرة، يغيب عنها ما يوحدها ويناغمها أو يبث فيها الحياة، وإلا فكيف كان قد تسنى لسيمفونية بتهوفن التاسعة أن تكون من الخلود بحيث يختارها الأوربيون الذين هم الطرف الثاني  الذي وهب لهذه السيمفونية جوهر إبداعها؟.
ولا يشذ موضوع الكتابة في الفلسفة عن احتمال خضوعه لمثل هذه السلسلة من الثنائيات الافتراضية التي تحدثنا عنها. هذا أن لم تكن علاقة هذه الثنائيات هنا أهم واخطر كثيرا بسبب الطبيعة الكلية للنشاط المعرفي الفلسفي واحتوائه ضمنا لكل أنواع النشاط المعرفي الإنساني سواءً أكان عملاً إبداعيا أو بحثياً.
يبتدئ مشروع الكتابة  الفلسفية في ذهن الكاتب ب" الثنائية الذاتية" مثال ذلك خاطرة الجمال ونقيضها خاطرة القبح.وعندما ينوي الكاتب إسقاط صفة الجمال على شيء يقع خارج ذهنه، يميل شعوريا أو لا شعوريا الى معاينة الواقع لاستجلاء الخواص التي تعينه على تأسيس معيار للجمال  وأخر للقبح، يقع موضوعهما في العالم الواقعي، وآنئذ تبدأ " الثنائية الموضوعية" عملها و لتقوم بدور العارض للخواص الجمالية، التي قد تصلح أن تكون معيارا للحكم الجمالي، ومن خلال العمليات الإدراكية تجري  المطابقة في ذهن الكاتب بين نقيضي " الثنائية الذاتية" اللاماديين ونقيضي" الثنائية الموضوعية"الماديين، لكي تتحقق أو تظهر للوجود فكرة الكاتب عن الشيء الجميل.
وهنا يبدأ دور " الثنائية المتداخلة"وتبقى فكرة الشيء الجميل أو أي موضوع من مواضيع الفلسفة، تتحقق على الورق، مجرد مشروع "نقيض / الطرف الأول"ينتظر تغذية راجعة من "نقيضه/ الطرف الثاني / المتلقي، لكي تكتمل به دائرة إبداع النص الفلسفي.
من هذه المقالة لا تتوقف عند هذا الحد لان غايتها إلا بعد هي الكشف عن الحاجة الماسة الى ضرورة خلق كتابة فاعلة للنص الفلسفي، قادرة على استشارة نقيض"طرف ثاني/ متلقي" لها سواء أكان كاتبا في الفلسفة أو قارئا لها أن علاقة  الكاتب / النقيض - القارئ / نقيضه" بما يضيفه الطرف الثاني عليها من تغذية راجعة للطرف الأول، تساعده على تحسين نصه الفلسفي، وتعينه على تجاوز المقولات التي ليس بالإمكان البرهنة على صحتها بالجدال المنطقي، أن هذا كله هو ذاته لا غيره ما يساعد على خلق إذا جاز لنا القول علاقة "كتابية - قرائية" تفاعلية تغني النشاط المعرفي وتوجهه الوجهة الكلية التي نسعى إليها.
أن مثل هذه العلاقة التفاعلية هي أيضا ما يساعد على فرز النص الفلسفي الجيد من الأخر الرديء، فنحن نقرأ في مرات ليست قليلة نصوصا فلسفية رديئة سواء على صفحات الصحف والمجلات العراقية نصوصا لا نقرأ فيها سوى تكديس لمصطلحات لا يفهمها القارئ ولا يجد رابطا بينها في اغلب الأحوال وكأن الغاية من تكديسها هي إشهار  الكاتب معرفته الواسعة بأكبر عدد من المصطلحات الفلسفية وقدرته على استعراضها أو لاقناع القارئ والإيحاء له بأن الكتابة للفلسفة هي شيء جلل وليس شيئا هينا، وإنما هي شيء شديد الغموض والتعقيد.
وأنا اقترح  على كاتب أي نص فلسفي إعادة  قراءة سقراط أو أفلاطون أو أرسطو أو أي من الفلاسفة الآخرين، قدامى أو متأخرين ليطلع على مقدار السلاسة التي تتميز بها  كتاباتهم الفلسفية ما جعلها خالدة بسبب التغذية الراجعة التي  تلقتها تلك الكتابات على مر القرون من مئات من كتاب الفلسفة، ومن ملايين من قرائها، وقد يقول قائل بأن الخطاب الفلسفي هو نفسه قد تلقى من الإضافات عبر القرون ما جعله صعبا ومعقدا وعالي التجريد، فأقول أن هذا صحيح ولكن على الرغم من ذلك فان لأسلوب الكتابة  وغنى الإمكانيات والآليات التي تتيحها اللغة في التعبير دور في تبسيط ماهو معقد بحيث يبدو النص سهلا وممتنعا في أن حتى في الفلسفة. انه شيء يدعو الى المسرة والارتياح أن يرى المرء نصوصا فلسفية عراقية كتبتها أقلام لم نسمع بأسماء اغلب أصحابها من قبل، ولكن ومثلما يقول شكسبير " ليس كل ما يلمع ذهبا" إذ لا يمكن لأي بحث في النشاط المعرفي أن يستوفي شروطه دون تقويم،ولا يستوفي البحث المعرفي شروط تقويمه إلا إذا تحقق وجود ذاك " الطرف الثاني/ نقيضه".
ولكن الغريب في أمر من يكتبون عموما وبخاصة كتابة النص الفلسفي ومعهم محرري الصفحات والمجلات الثقافية واعني بهم أولئك الذين يجيزون نشر النص، أنهم يحجمون لا شعوريا عن التفكير في استكمال طرفي " الثنائية المتداخلة" وذلك بسبب شيوع نهج التلقين وحب الظهور، الذي كان وما زال يسود ثقافتنا  قرونا لدرجة انه طبع نشاطنا المعرفي بطابع الأحادية، طرف يتحدث وطرف عليه أن يصغي وان يتمثل و سواء أكان يفهم أو لا يفهم، وكأني بكتاب النص الفلسفي خاصة أنهم قد نسوا بان واحدة من أهم خصائص النشاط المعرفي الفلسفي هي أن يقوم المفكر مثلما يقول سقراط بدور" القابلة" التي تسهل لعقول الآخرين أمر أن تلد أفكارا جديدة، وتحفيز تلك العقول على التفكير والنقد الذاتي، وكأني بكتاب الفلسفة عندنا أنهم قد نسوا أيضا بان روح ولب النشاط المعرفي الفلسفي هي الجدال القائم على إفساد أجوبة الآخر بإلقاء المزيد من الأسئلة، مثلما فعل لا اذكر بالضبط من  محاوري سقراط، غلو كون أم كريون أو غيرهما؟، ذلك الذي رد على سقراط في محاورات أفلاطون الشهيرة، قائلا له" ما بالك يا سقراط تفسد إجاباتي بإلقائك المزيد والمزيد من الأسئلة؟”.
وأظن أن غياب من يعاند في طرح الأسئلة ويصر على تلقي الإجابات هو احد الأسباب الجوهرية التي جعلت وتجعل ألان نشاطنا المعرفي يراوح مكانه وما يحول بينه وان يتحول الى قيم تحكم سلوك الأفراد وتوجهه، فهل ثمة من عقم اخطر من هذا يهدد ثقافتنا؟.