بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 أكتوبر 2016


An essay on strategic politics …
Building Democracy after Conflict: Stateness First
By: Francis Fukuyama…   Translated by: Ahmed Khalis Shalan
مقالة  مترجمة في السياسات الستراتيجية ...
... بناء الديمقراطية في حقبة ما بعد الصراع: الدولنة أولاً
فرانسيس فوكوياما ... ترجمة أحمد خالص الشعلان
Francis Fukuyama 

A. Kh. Shalan
            فرانسيس فوكوياما Francis Fukuyama، أو برنارد شوارتز Bernard Schwartz، هو أستاذ الاقتصاد السياسي العالمي في كلية جونز هو بكنز للدراسات العالمية المتقدمة، وهو مؤلف العديد من الكتب من بينها "مستقبلنا ما بعد الإنساني:عواقب الثورة البايوتكنولوجية
Our Posthuman Future: Consequences of the Biotechnology Revolution (2004)
التمزق الساحق: إعادة مأسسة النظام الإجتماعي
The Great Disruption: Human Nature and the Reconstitution of Social Order (1999)
 الثقة: الفضائل الإجتماعية وخلق الإزدهار
The Social  Trust: Virtues and the creation of prosperity (1995)
 نهاية التاريخ وآخر البشر
 The End of History and the Last Man (1992)
 وأحدث ما كتب هو كتابه  . . بناء الدولة:الحكم والنظام العالمي في القرن الحادي والعشرين
State Building: Governance and World Order in the 21st Century (2004)
* * * * *                      * * * * *                      * * * * *
            شهدت الأعوام الخمسة عشر التي تلت تأسيس  . . مجلة الديمقراطية The Journal of Democracy  . . العديد من التغييرات في الوضع السياسي العالمي. ففي عام 1990 بلغت الموجة الثالثة لنشر الديمقراطية ذروتها، إذ تزايد التفاؤل بإمكانية تعزيز الديمقراطيات الناشئة و توسيع الرقعة الديمقراطية للسلام لتشمل آفاقاً جديدة. و يبدو أن المشهد العالمي اليوم هو أكثر قتامة و الى حد بعيد. فبينما نجد أن بعض المكاسب الديمقراطية قد تحققت، نجد أيضاً أن بعض النكسات الخطيرة قد حدثت في روسيا و أمريكا اللاتينية و أ فريقيا المجاورة للصحراء. أما الشرق الأوسط العربي فإنه لم يبق فحسب على أنه إستثناء للإتجاه العام السائر نحو ديمقراطية أقوى، و إنما أيضاً فرَّخ تطرفاً إسلامياً يناصب اللبرالية العداء الشديد. و لقد نشأت مشكلة جديدة تتمثل بوجود دولٍ  ضعيفة أو عاجزة في مناطق تمتد من الصومال و هاييتي الى أفغانستان و العراق، و أصبحت بؤراً للفقر و التجاوز على حقوق الإنسان و اللاجئين و الارهاب.
            إن  . . مجلة الديمقراطية . . و مثلما أظهرت مقالاتها السابقة كانت قد واكبت هذه الإتجاهات، بأن قامت بتوسيع تغطياتها لتشمل أموراً هي ماوراء الأسئلة المثارة حول التخطيط المؤسساتي و التعزيز الديمقراطي، لكي تشمل أكثرَ المواضيعِ جوهريةً، ألا وهو بناء الدولة. فإنك، و قبل الحصول على الديمقراطية و التنمية الإقتصادية، عليك أن تحصل على الدولة state. و مثلما يشير ستيفن د.كراستر Stephen D.Krasner في مقالته، فإن التنافس السياسي الحاد الذي أدى الى تأسيس الدولة في أوروبا لم يقم، عند المقارنة، بإفراز دول قوية في أغلب أنحاء عالم الدول النامية. و بذا يجري إستجداء ترسيخ الدولة stateness، أو إستعارته، أو ربما سرقته من مصادر أخرى تمتد من وكالات جمعية مثل الامم المتحدة، أو البنك الدولي، في مناطق مثل تيمور الشرقية أو سيراليون الى قوى أوروبية تدير مكتب الممثلية العليا في البوسنة، والى الولايات المتحدة بوصفها قوة محتلة في العراق.
            ثمة مشكلة محيرة أساسية في هذه العملية. و هي التي يمكن الإشارة إليها، بخاصة في مقالات لاري ديموند Larry Diamond وجيرالد نوس Gerald Know وماركوس كوكس Marcus Cox، و تتمثل بالمجئ بأغراب يقومون بوظائف لها علاقة بسيادة الدولة، و ذلك بسبب الضعف الداخلي الذي تعانيه الدولة مدار البحث. إلا أن الترسيخ الذي يأتي به الإغراب قد يؤدي غالباً الى إضعاف قدرة اللاعبين المحليين على خلق مؤسساتهم النشيطة الخاصة بهم. ذلك أن المغالاة في التوجه المعتمد على الأغراب في تأسيس الدولة غالباً ما يؤسس لتبعية طوية الامد. و قد يصبح بالتالي و كأنه لا شرعي من وجهة نظر أهل البلد.
            لقد حاولت الولايات المتحدة في العراق أن تجرب الخروج من المأزق. و ذلك، بالقيام بمهام عسيرة أعقبت سقوط البعث في نظام تمثله . . سلطة الائتلاف المؤقتة . .Coalition Provisional Authority. و هو مثال لما سمّاه كل من نوس وكوكس  . . تأسيس دولة شمولية authoritarian state building . و مثلما يشير دايموند، فإن فهم بول بريمر لدوره بوصفه حاكما واسع الصلاحيات يمثل الولايات المتحدة، كان قد قاد الى درجة من التمركز في الإدارة المحلية كانت نتيجة عدم بلوغ  . . مجلس الحكم العراقي Iraqi governing Council سن الرشد. و بذا أغلق الطريق  الطريق أمام نشوء هيئات للحكم من أهل البلد. ثم ساهم ذلك و بقوة في نشوء مشكلة الشرعية التي فرضت التسريع في تشرين الثاني 2003، بوضع جدول لعودة السيادة و الانتخابات. و يظهر كل من نوس و كوكس كيف قام، و على نحو مشابه، . . مكتب الممثلية العليا في البوسنة . . بإبطال الإنتخابات و إسقاط قرارات الموظفين البوسنيين. و بذا، أخـَّـــرّ نمو قدرة أهل البلد. و حصل ذلك كله بإسم بناء القدرات و بإسم الديمقراطية.
            ثمة أمر واحد يسترعي الإنتباه، و هو أنه لو أن أولئك الأغراب الذين يريدون هذه الوكالات الشمولية الإنتقالية كانت لهم في تدبيرهم للأمور بيروقراطيات فعالة و مجربة، لكانوا هم أقدر من يقوم بإدارة دولة عاجزة من الناحية الفعلية. إلا أن الولايات المتحدة و الاوروبيين كليهما كانوا قد دخلوا الى هذه المشاريع، و كأنهم هم لا غيرهم بحاجة الى تأسيس قدرة ذاتية لبناء الامة، حتى و إن كانوا أظهروا بانهم يحاولون تقديم ذلك لأهل البلد المعني. و لقد كانت المشكلة فاضحة في حالة الولايات المتحدة بخاصة. إذ لم تعتمد إدارة بوش، عند تخطيطها لإحتلال العراق، في الواقع، على أية خبرة تأسيسية متوفرة لديها تخص إعادة البناء التي تلي الحروب من المفروض توفرها عند حكومة الولايات المتحدة. لذلك، فهي لم تبدأ تنظيم إعادة البناء الذي أعقب الحرب إلا في وقت متأخر جداً. و لم تبدأ التخطيط في أفغانستان إلا في وقت أبكر بقليل. و مع ذلك، فقد كانت تلاحق ذاك المشروع إتهامات من قبيل أن المشروع تسيطر على موارده الولايات المتحدة.
           
أهمية الملكية الخاصة المحلية Importance of Private Property 
            في نواح أخرى من المجتمع الذي تديره سياسة التنمية، كان ثمة نقلة جرت خلال العقد الأخير تجاه طريقة لفهم الأمور تختلف إختلافاً كبيراً. تلك هي التأكيد على أهمية مشاركة الملكية الخاصة المحلية. لقد ولت الأيام التي كان يجري فيها إنزال فرقة من واشنطن أو من بروكسل من طريق الجو في بلد نامٍ. إذن، عليك أن تقوم بـ  . . تقدير الاحتياجات . . و بعدها قم بإملاء التعليمات على أهل البلد حول ما ينبغي ان يقوموا به لمساعدة أنفسهم. إن التشديد الجاري الآن على  . . تنمية يقودها المجتمع . . تضع العبءَ على كاهل الذين يتلقون المساعدات، لكي يقوموا بتقدير إحتياجاتهم بأنفسهم. ثم قم أنت ببناء المشروع الذين قاموا هم أنفسهم بالتخطيط له. ذلك، لانهم هم أفضلُ من يتفهم إحتياجات بلدهم و أعرفُ بالمعوقات التي تقف حائلاً دون بلوغها. و أنهم هم من يجب أن يكون لديهم دافع مساعدة أنفسهم على المدى الطويل . . لا أحد يغسل سيارة مستأجرة هذه كلمات لا تنسى، قالها وزير الخزانة الامريكية الأسبق لاري سومرز Larry Summers.
            و يشير كل من نوس و كوكس الى أن الأوروبيين فيما يبدو قد زلت بهم قدمهم في آلية تسترعي الإنتباه تتمثل بعملية القبول في المجموعة الاوروبية، فيما يخص المعيار الذي يجب إستعماله في قبول الأعضاء، بآلية تعطي أهل البلد دافعاً للتملك في عملية بناء الدولة. و لقد أضحى هذا الأمر لربما من أكثر الأمور نجاحاً في ممارسة تجربة سياسة اللين في عالمنا المعاصر. فهل ينجح أسلوب مشابه في معالجة أمور دول عاجزة مثل البوسنة أو افغانستان او العراق؟
            ثمة بالطبع العديد من العوائق أمام مهمة جعل أهل البلد يأخذون المبادرة بإيديهم. أولاها، هي أنهم قد يقومون بإختيارات سيئة. و مثلما يقول اندرو رينولدز Andrew Rynolds في المؤسسات المتواشجة لدولة ديمقراطية مستقرة ما هو إلا عملية بالغة التعقيد. ذلك، لأن المواطنين الراغبين بالقيام ببناء دولة قد لا يفهمون مدى الإمكانيات المتاحة لهم أو قد يعجزون عن توقع ما قد تؤول إليه الأمور عند تطبيق قواعد معينة. و ما هو أكثر أهمية هو أن المواطنين غالباً ما تدفعهم الرغبة لخلق مؤسسات تحمي مصالحهم بإحكام و تحمي سلطتهم. أو أنهم قد يسلكون طرقاً تتنافى و قواعد الممارسات المقبولة عالمياً. و أنه لمن المفيد ان نؤكد، مثلما يفعل دايموند Diamond، على وجوب أن يحصل العراقيون على المزيد من عقود البناء في الأشهر الأولى. إن ما تسبب في إعاقة تنفيذ هذا الأمر لم يكن، في الواقع، عزوف الولايات المتحدة، و إنما بالأحرى إفتقار العراقيين الى أي نظام للمسؤولية من هذا النوع بالإمكان تطويره (أو ربما تعزيزه) في عملية منح العقود التي تقوم بها حكومة الولايات المتحدة. و على النحو ذاته، كان ثمة تخوف من نوع معين، و هو أن تؤدي الإنتخابات المبكرة الى مجئ حكومة من الإسلاميين المتشددين، فتمسك بزمام الأمور و توفر بذلك لسلطة الائتلاف المؤقتة الدافع لإخراجهم من السلطة.
            إن فكرة تنمية يقودها المجتمع Community- driven ليست جديدة، إذ قامت بتطويرها المؤسسات الخاصة و الوكالات الجمعية أبان خمسينيات و ستينيات القرن العشرين. و قد شكلت هذه الفكرة إحدى المبادئ الأساس لحرب رئيس الولايات المتحدة آنذاك ليندن جونسن الضاربة جداً على الفقر داخل الولايات المتحدة. و لم تكن الملكية الخاصة للسكان علاجاً ناجحاً، لأنها في الواقع تفسخت في الغالب بسبب الفساد، و المعالجة الذاتية، و في أفضل الأحوال بسبب العقلية الساعية وراء الريع الذي يغدو به الدخل المحلي بالتمام حجة لطلب المزيد من الموارد الإضافية.
            فضلاً عن أن إنهيار الدولة الى حد العجز التام الكامل غالباً ما يؤدي بالقوة الداخلية إضطرارها الى ممارسة سلطات معينة لمجرد تجنب وقوع كارثة. و ما يزيد من هذا الإحتمال هو غياب لاعبين محليين بإمكانهم تقدير الإحتياجات أو تخطيط المؤسسات. ذلك، لأن القوى الخارجية هي لوحدها من يمتلك خواصاً بامكانها  . . ترسيخ الدولة stateness. و لقد كان هذا النوع من الحالة هو الذي واجهه بول بريمر Poul Bremer (و سلفه قصير الأجل في الإدارة جاي غارنر Jay Garner ) في الأيام الأولى التي تلت سقوط دولة البعث إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق. و هو ما خـلــَّف مشهداً سياسياً قاحلاً. و لم يكن ثمة أحد سوى . . الوافدين externals . . أمثال احمد الجلبي (الذين جلبوا معهم الكثير من العادات السيئة). و هم الذين كانت السلطة قد تحولت ضمناً الى إيديهم. و كانت المشكلة الجوهرية في هذه الفترة بالتأكيد هي غياب الشرطة العراقية، أما الوظيفة الأساس للدولة العراقية (الحفاظ على الأمن الداخلي) فكان في حالة إنحلال.
            إن على بناة الدولة الدخلاء، من ناحية ثانية، أن يكونوا، بوصفهم قاعدة السلطة، ذوي ميول للتخلي عن بعض سيطرتهم لصالح توسيع قاعدة الملكية الخاصة المحلية. و ثمة اسباب ثلاثة تشكل دافعاً لهذا: (1) صعوبة الحفاظ على مستويات الجهد الذي تتطلبه الإدارة الفعلية للدولة برمتها، (2) جهل الدخلاء في الغالب بطرق الحكم، (3) إمكانية أن تؤدي الملكية الخاصة المبكرة الى نمو إحتمال خلق مؤسسات محلية يمكن الحفاظ عليها. أما توفير فرصة بقائها على قيد الحياة فهو مخرج بإمكان القوى الخارجية أن تعمل عليه. و كان هذا لربما يعني، فيما يخص العراق، بذل جهدٍ فوري، بعد التخلي عن النزاعات الشديدة حوله، من أجل تشكيل حكومة. و هذا من المحتمل أن يكون هو ما يجعل الإحتفاظ بالكثير من بنية النظام القديم ضرورياً، و بضمنه الجيش القديم و قوات الشرطة، و السعي الى تحديد صارم لعملية إجتثاث البعث. و يبدو هنا أن الكثير من الأمريكيين، في 2004-2005، قد إخطأوا في قراءة تاريخ ما بعد إحتلال اليابان و المانيا بعد عام 1945. و هو أن التطهيرات التي تشمل مناصري النظام السابق غالباً ما تحول الى عملية سطحية تتجاوز الحد الذي وضعت لإجله. ففي ألمانيا، لم يجرِ فعلاً سوى طرد ألف من الموظفين المدنيين الدائميين فقط (و العديد منهم أعيد تعيينهم بعد عمليات تطهير أولية، بموجب حاجة ماسة جداً للأداريين المؤهلين). أما في اليابان، فإن بيروقراطية إقتصاد حقبة الحرب قد بقيت سليمة تقريباً. و بذا، مضت في طريقها لوضع قاعدة المعجزة الإقتصادية اليابانية اللاحقة.

بناء الدولة إزاء إعلاء الديمقراطيةState-building Versus Democracy-elevating
            يواجه الدخلاء، الساعين الى إعادة بناء المجتمعات، مجموعة إضافية من أوضاع صعبة تعانيها التجارة المعطلة بسبب الوجود القلق الذي يمليه الصراع، فضلاً عن صعوبات التكامل المفترض بين بناء الدولة و الإرتقاء بالديمقراطية ثمة في جوهر بناء الدولة ما ندعوه، مثلاً، خلق حكومة تمتلك إحتكار القوة الشرعية، لتكون قادرة على تعزيز القوانين عبر أراضي الدولة. و هذا هو السبب الذي لأجله يبدأ بناء الدولة بخلق الجيش و قوات الشرطة، أو بقلب وكالات النظام السابق الفرعية الى وكالات جديدة الصبغة. و يشتمل الإرتقاء بالديمقراطية، من ناحية ثانية، على وضع قيود على تلك القوة بالذات، بأن يُصار الى تفريقها الى مجموعات محلية، و تحديد عملها بحكم القانون، بحيث تكون آخر الأمر معرضة لحساب الرأي العام و قبول الجمهور بها.
            ثمة نوعان من الخطأ شائعان و متعارضان، و كلاهما ناجمان من المغالاة وهما: التركيز أما على بناء الدولة أو التركيز على الإرتقاء. و يتمثل الأول في بناء دولة قمعية دون أية قواعد تحكمها أو معايير تضبطها. و يحصل هذا عادة لأن القوة الخارجية غالباً ما تتعب من المشروع قبل أن يتم إنجازه. و هذا بالضبط ما حصل في نيكاراغوا خلال و بعد غزوها من قبل الولايات المتحدة للفترة من 1927 الى 1934. إذ ساعدت الولايات المتحدة على حلق حرس وطني نيكاراغوي، و لكنها لم تضبطه، بأن تضعه تحت طائلة قاعدة صارمة من القانون، مما أتاح للدكتاتور انيستاسيو سوموزا بإختطاف الحرس بعد رحيل الولايات المتحدة لكي يستعمله أداة طيعة بيد الحكم الذي كانت تقوده أسرته. أما الخطأ من النوع الثاني، فقد حصل في البوسنة عام 1996، ما سمح بتوظيف نظام إنتخابي أدى، و ببساطة، الى تقوية زخم الأحزاب ذات النزعة الإثنية. إن عليك، قبل الحصول على الديمقراطية، أن تكون لديك دولة. أما حصولك على الشرعية، و بعدها على حكومة تداولية، فهذا لا يجري آخر الآمر دون تكون لديك ديمقراطية. و ما الإثنين إلا توأمين متداخلين ببعضهما. و مع ذلك، فإن الترتيب الدقيق للكيفية و الظرف اللذين يجري بهما بناء مؤسسات واضحة المعالم ومتواشجة مع بعضها، فيحتاج دون شك الى تفكير متأن للغاية.
            و قد يكون ثمة بعض حكومات عاجزة الى بعد، يتمثل بضعف كامل و عميق الجذور. و هي الحكومات التي تعيش في ظل صراعات سياسية عسيرة على الحل. و بذا، يكون من نافل القول أن يجري حديث عن مخرج سريع يأتي عن طريق مراقبين للسلام، او من طريق جلب بناة للسلام يؤتى بهم من خارج البلد. و يقترح ستيفن د.كراسنر، لمثل هذه الظروف أن تتوقف القوى الخارجية عن خداع نفسها بان تتوهم وجود تحولٍ، و إنما على تلك القوى الخارجية عوضاً عن ذلك، أن تقوم بالتحرك رسمياً بإتجاه حالة شبه دائمة تتميز بنوع من السيادة المشاركة. و في عصر ما عادت السيادة فيه تبدو و كأنها شرط لازم أو غير لازم، فإنه لربما يكون من المناسب التفكير في انواعٍ مختلفة من الصيغ القضائية التي يكون بامكانها رسمياً تمييز الواقع الناشئ على الارض، و في بقاع عديدة من العالم.
            و مع ذلك، فثمة مشكلة رئيسة متبقية، تتمثل بالتحدي الذي يمثله المصوتون و دافعو الضرائب في الاقطار الغنية، التي تقوم عادة بتقديم الموارد المالية التي تمول السيطرة الخارجية. و ذلك يجعل هذا الجمهور راغباً بفعل ذلك، و على نحو وضح المعالم، في مخلتف بقاع العالم. و يعدُّ حاجز من هذا النوع عالياً جداً، إلا أن إزالته تكون متيسرة في بعض الحالات. فبينما نأمل في أن نكون متعقلين في إختيارنا المشاركة في تدخلات مقبلة، فإنه ليس من المرجح بأننا سنكون قادرين على تجنب المشاركة فيها بالمرة.

            إن ما جرى على صفحات  . . مجلة الديمقراطية . . هو تصوير صادق لخارطة العالم المتغير خلال العقد الأول و نصف العقد من عمرها. و دعونا نأمل ان نرى في عدد المجلة الذي سيصدر في ذكرى مولدها الثلاثين عام 2020 مقالات عن بلدان عاجزة و قد تطورت بنجاح، من خلال المساعدة الخارجية، بأن تكون حققت قدرة ذاتيةً على البقاء، و بان الكل الديمقراطي المتماسك سيكون حاضراً بقوة بوصفه ما يمثل هماً مركزياً في أغلب انحاء العالم، و لا نستثني منه الشرق الأوسط.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق