بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 15 أكتوبر 2016

سيمنار في كلية اللغات/ جامعة بغداد ... ترجمة الشعر في التطبيق و الخاصيّات الثقافية

Seminar at the Col. of Languages/Uni. Of Baghdad
Translating Poetry and the Culture-specific Aspects
By: Ahmed Khalis shalan & Ghayda Ali Al-Faisal
(published in A-Thaqafah A-Jadeedaj Magazine-Bagdad /April 2014)

سيمنار في كلية اللغات/ جامعة بغداد ...
         ... ترجمة الشعر في التطبيق و الخاصيّات الثقافية
أحمد خالص الشعلان و غيداء علي الفيصل
(منشور في مجلة الثقافة الجديدة- بغداد نيسان 2014)

     
ترجمة الشعر في التطبيق
                                    أحمد خالص الشعلان
   
مثلما هو معروف و معترف به، لست و لا القراء، حسبما أظن، بحاجة هنا الى ذكر النتائج الخلافية التي تثيرها الترجمة. و قد لا يحتاج المرء هنا أيضا لقول المزيد عن لاتطابق حتمي يحصل بين النص الأصل و النص الهدف، لأنه بات هو الآخر من البديهيات. غير أني هنا، و بصدد الترجمة تطبيقا، أجد نفسي مضطرا للتطرق الى الخسارة الدلالية التي يمنى بها النص جراء الترجمة، و نوع تلك الخسارة و تأثيرها على المتلقي، بخاصة عند ترجمة الأدب، بسبب عوامل:
-          يقع قسم منها داخل اللغة،
-         قسم آخر يقع خارج اللغة، و
-         قسم ثالث يتعلق بجنس الأدب المترجم و فنه.
-         و قسم رابع يتعلق بثقافة المترجم و ذائقته و حسه النقدي
و ما يسترعي إنتباهنا تحديدا هنا هي الخسارة الدلالية و الفنية الحاصلة في ترجمة الشعر. ذلك، ربما لكون الشعر هو نوع الأدب الذي يتعرض، عند ترجمته، لأكبر خسارة دلالية على الإطلاق من بين الأنواع الأدبية قاطبة.

          و من هنا، قد يجد المرء مسوّغا، يحمله الى حد بعيد، الى قبول ما يقوله البعض من " . . . ان ترجمة الشعر هي أم المشاكل الترجمية . . .". و تعبير " أم المشاكل" قد يشير هنا الى، أو يعني قطعا، أن عملية ترجمة الشعر مليئة بالمطبات! و يحصل هذا ربما لأن الشعر، من بين جميع الأنواع الأدبية، هو الذي يتمتع بأشد الأساسيات صرامة و خصوصية، ما يجعله يختلف إختلافا حادا في هذه الأساسيات، من ثقافة الى أخرى، و من لغة الى أخرى. فالرواية مثلا نجدها، سواء في عموميات فن الرواية أو في خصوصياته، لا تختلف من لغة الى أخرى، أو من ثقافة الى أخرى، إلّا اختلافا طفيفا،  لا يعيق ترجمتها، أو يعيق الإستمتاع بقراءتها منقولة الى لغة أخرى. و قد يصح قولنا هذا على المسرحية أيضا، الى حد كبير. و يصح، دون ريب، على القصة. غير أن الشعر هو، لوحده، الذي قد يلتقي في مختلف اللغات و الثقافات عند عموميات من قبيل: يجب أن يكون منظوما، و موزونا، و مقفى، غير أنه يختلف إختلافا صارخا، يكاد أن يكون مطلقا في خصوصيات التي تتعلق بهذه المفاهيم العامة.

خذ مثلا مبدأ بحور الشعر و أوزانه. الأوزان، بوصفها مبدأ عاما في الشعر، موجودة في أشعار جميع الأمم و الجماعات، و لكننا حين نأتي الى خصوصيات الأوزان، قد لا نجد  وزنا واحدا في الشعر المنظوم بالعربية يتطابق مع أي وزن من أوزان الشعر المنظوم بالإنكليزية، و هما اللغتان اللتان نحن بصددهما هنا حصرا. و قد يصح قولنا هذا حتى إن تحدثنا عن شعر عربي و كردي، أو شعر عربي و تركي، أو شعر عربي و ألماني، الخ. و مع إحتمال أن تكون الإختلافات أضيق قليلا، فهذه البديهة تصح أيضا، الى حد كبير، حتى على أوزان الشعر المتداولة في لغات تنتمي الى الأسرة اللغوية الواحدة، مثل الإنكليزية و الألمانية و هما من أسرة اللغات الجرمانية، أو مثل الفرنسية و الإيطالية و هما من أسرة اللغات الرومانس. فما بالك، إذن، حين تكون اللغتان، المنقول منها و المنقول اليها، غريبتين عن بعضهما، مثل العربية (سامية) و الإنكليزية (جرمانية)!
ففي سبيل المثال، نحن نسمع العروضيين العرب يتحدثون عن المتقارب، و المتدارك، و الوافر، و الكامل، و الهزج، و الرجز، و الرمل، و السريع، و الخفيف، و المضارع، و المقتضب، و المجتث، و الطويل، و المديد، و البسيط، و كلها بحور للشعر العربي. و نسمع العروضيين الانكليز يتحدثون، مثلا، عن تفعيلات عامة في الشعر الانكليزي، مثل: (عمبق: iamb  و هي تفعيلة شعرية ذات مقطعين واحد غير منبور يتبعه آخر منبور) و (بيون paeon: و هي تفعيلة شعرية نادرة في الشعر الانكليزي تتكون من مقطع منبور و ثلاثة غير منبورة) و (تروشي trochee: و هي تفعيلة، عكس عمبق، تتكون من مقطع منبور يتبعه مقطع غير منبور) و (أنبسط anapaest: و هو تفعيلة تتكون من مقطعين غير منبورين يليهما مقطع منبور) و (دكتيلdactyl : و هو تفعيلة تتكون، على عكس انبسط، من مقطع منبور يليه مقطعين غير منبورين) و (سبونديspondee : و هي تفعيلة تتكون من مقطعين منبورين أو يسميان طويلين أحيانا)، و ربما توجد تفعيلات أخرى لسنا هنا بصددها. و المهم هنا، من ناحية أخرى، هو أننا لو حاولنا ايجاد تطابق، من أي نوع كان، بين العروض العربية و تلك الانكليزية، لا بد أننا سنواجه إخفاقا أكيدا! هذا، ناهيك عن تفصيلا ت لها علاقة بالعروض موجود هنا و غير موجود هناك، أو بالعكس.
 لنأخذ، في هذا السياق، مثلا، مصطلحات متداولة في كل الأزمان، و لها دلالات تقنية محددة موجودة في الشعر العربي من قبيل: "عروض" و "ضرب" و"سبب" و "وتد" و "صدر" و "عجز" و "فاصلة" و  "حشو"، و غيرها كثير بكل تفصيلاتها الفرعية، و لو حاولنا أن نجد، لها جميعا، مقابلات هي الأخرى في الشعر الانكليزي، نظريا و تطبيقا، و ما هي ان وجدت؟
الإجابة هنا تبقى، دون ريب، مفتوحة على مجهول، قد لا يأتينا بخبر يقين!
أما إذا أردنا التحدث عن القافية العربية بأنواعها، التي قد لا تخطر تفصيلاتها التقنية ببال قارئ الشعر، في محاولة لإيجاد متطابقات لها في القافية الإنكليزية، فتلك مسالة أخرى فيها نظر طويل، و قد لا تفضي محاولة حلها إلّا الى متاهة!
و عدا ما سلف من حقائق عن مبدأ الأوزان الشعرية و تفصيلاتها التقنية، فإن المرء لا بد أن يجد من الإختلافات في أساسيات الشعر بين اللغات، المختلفة عموما، ما يتطلب حسابه حسابا متأنيا عند ترجمة الشعر. و من ذلك، مثلا لا حصرا، ما يلي:
-    الخواص الموسيقية للعبارة الشعرية و جرس الكلمات في اللغتين، و نحن نعلم جيدا أن ذلك له، فضلا عن الأصوات الطبيعية التي تختلف بإختلاف البيئتين، علاقة بسلالم الموسيقى عند ثقافتي اللغتين.

-    الثقافة؛ و أعني ما نجده ملائما هنا قد لا يلائم هناك، أو ما هو ساخن هنا قد يعد باردا هناك، و ما هو مقبول إجتماعيا هنا قد لا يجد قبولا هناك. و يدخل ضمن هذا الخاص و العام من دلالات الأماكن و التواريخ، أياما و شهورا و سنين، و معها الرموز التاريخية و الوطنية.
-          سايكولوجيا شاعر اللغة المصدر و سايكولوجيا مترجم اللغة الهدف.
-         القدرة التخيلية للشاعر المصدر و القدرة التخيلية للمترجم الهدف.
-    بنية اللغة المصدر و بنية اللغة الهدف، و ما تحملانه من تركيبات متباينة  تتطلب المعالجة، و من إختلافات نحوية و قواعدية تتطلب المراعات و التصريف الذي يخضع لنمط الجملة عند اللغتين، و يضاف إليها اللغة الإصطلاحية المستعملة في كلا المستويين؛ لغة الحياة اليومية و اللغة القياسية.
-          أفضليات الإستعمال الأسلوبي للغة عند كليهما؛ شاعر اللغة المصدر و مترجم اللغة الهدف.
-         دلالات الأدوات الشعرية و ما تفرزه من مؤثرات صوتية، و حسية، و بنيوية، و بلاغية، و غيرها!
-    فضلا عن صلة القربى بين اللغتين؛ أموجودة أو لا، متقاربتين أو متباعدتين؟  . . مثلما هو الحال هنا، فالعربية لغة سامية، و الإنكليزية لغة هندوأوروبية، و هما لغتان لا يجمعهما أي جامع عدا عموميات universals و هي مشتركات اللغات جميعا بغض النظر عن أصلها. و هذا العامل لوحده قد يثير عند البعض شكوكا عن الجدوى الدلالية و الجمالية لترجمة الشعر، بالذات من الانكليزية الى العربية، أو بالعكس!
-    أخرى كثيرة، قد لا تخطر ببال المترجم، و لكنها تشخص أمامه فيحار فيها، مما يضطره لإيجاد ستراتيجيات معقولة و مقبولة منطقيا أو فنيا للتغلب على إشكالاتها.

و لا بد لنا من أن نذكر هنا أيضا بأن التعقيدات التي ترافق ترجمة الشعر كانت قد ولّدت مواقف (من ناحية كونها، مثلما قلت، مليئة بالمطبات!)  من ترجمة الشعر، ليست وليدة اليوم، أو ألأمس القريب. فهذه المواقف قد تعود بنا تاريخيا و ثقافيا الى عهود بعيدة في ثقافة العديد من اللغات. فنظريا، نجد في الكلاسيكيات الثقافة العربية، مثلا، ان عمر أبو عثمان الجاحظ كان قد عبّر، قبل أكثر من إثني عشر قرنا، عن إستحالة ترجمة الشعر، بقوله كونها مهمة مستحيلة، و ناهيك عما يقوله بعض الكتاب المعاصرين عن ترجمة الشعر من أنها "فن الفشل"، برأي إمبرتو ايكو، الأديب الإيطالي. و موقف الشاعر الأمريكي روبرت فروست من ترجمة الشعر يتمثل بقوله المعروف " . . . في الترجمة يتعرض الشعر الى الضياع!"، ناهيك عن إقصاء إفلاطون للشعر كله، من جمهوريته الطوباوية، بسبب لامنطقية الشعراء، فكيف بنا و نحن بترجمتنا للشعر نريد أن نخضعه الى منطق الترجمة على هذا النحو أو ذاك!

* * * * *                * * * * *      * * * * *
و على الرغم من ذلك؛ و لأني، و حتى الآن، كنت قد ترجمت ما لا يقل من ثلاثمائة قصيدة من الإنكليزية الى العربية، و عدد قليل منها من العربية الى الإنكليزية. و لأني، من ناحية أخرى، لا أحب الحديث في النظريات، و لا الخوض فيها، فأني آخر الأمر، عندما كنت، و ما أزال، حين أشرع بترجمة قصيدة لا تحضر في ذهني أية نظرية، لأجعل منها فنارا يوجه سفينتي الى بر سلام الترجمة (إن كان للترجمة بر سلام)!، و أنما أروح، لأدع فكري و قلمي يشتغلان سوية، بعد قراءة قد تتكرر الى عشر مرات أو عشرين، أو أكثر، للقصيدة التي أروم ترجمتها، أمرّ خلالها بمخاض لا يختلف عن مخاض شاعر قرب جذع نخلة، أو سفح جبل، أو ضفة نهر، لكي أنتج ذاك النص الذي أزعم فيما بعد أنه قصيدة مترجمة. و في خضم تجربة من هذا النوع، صار بإمكاني أن أصوغ نظريتي الخاصة، بمعنى رأيي الخاص، عن امكانية ترجمة الشعر.
و تطرح هذه النظرية ثلاث افتراضات عن امكانية ترجمة الشعر، هي:

1-  الإفتراض ألأول يقول "نعم" بالامكان ترجمة الشعر اذا كانت عملية الترجمة مبنية على أساس المعنى، و ليس غير المعنى.
و هذا يعني اهمال الأساسيات التي بنيت عليها القصيدة جملة، عدا المعنى. و من الواضح ان هذه الامكانية مبنية أساسا على ان موضوع الترجمة هو نقل الرسالة التي تحملها القصيدة، لا غير! و لكن مع ألاعتراف بحقيقة أن النص المكتوب نظما في اللغة المصدر، يكون قد تحول، دون ريب، الى نثر في اللغة الهدف. و بذا يجري في هذه الحالة تعريض القارئ، اذا جاز لنا القول، الى احتيال من نوع ما، مبني على أساس ايهامه بأنه يقرأ شعرا، في حين أنه لا يقرأ سوى ثيمة النص الشعري المصدر مكتوب نثرا في اللغة الهدف. و هنا سيتعرض النص المصدر لخسارة، أكبرها، دون ريب، في فن نظم الشعر، و أقلها في المعنى.

2-  الإفتراض الثاني، و ان كان ينطوي على تناقض منطقي صارخ، أو مفارقة لفتة، فمفاده "نعم بالامكان ترجمة الشعر"، و في الوقت نفسه، " . . . لا، ليس في الامكان ترجمة الشعر!". غير أن المرء هنا قد يكون بمقدوره أن يعزز قوله "نعم"ـا أو "لا!" بسبب تضادهما المتوازن. "نعم!"، بخاصة حين يروم المترجم بالأساس تحقيق بعض الشروط الفنية اللصيقة بفن الشعر، يسعى فيها لتزويد القارئ بانطباع أنه يقرأ شعرا منقولا من لغة غير لغته. يحصل هذا بخاصة حين يتمتع المترجم بمهارة تمكنه من استعمال أقصى قابلياته لخلق شعر مرسل باللغة الهدف يتمتع بخاصية موسيقية محسوسة، تتوفر بتلاعب ماهر من لدن المترجم بعناصر اللغة. غير أن هذا ألأمر قد لا ينجح، ما لم يكن المترجم نفسه ناظم شعر بلغته ألأم، و يتمتع في الوقت نفسه بمكنة عالية في اللغتين، بحيث لا يترك حجرا من أحجار اللغة لا يقلبّه، من أجل خلق قصيدة من نوع ما باللغة الهدف. و مع ذلك، فاننا هنا حتى لو تغاضينا عن قول ت. س. اليوت "لا يوجد شعر حر أو مرسل، و إنما هناك شعر جيد و شعر ردئ" فان القارئ هنا أيضا قد يتعرض لإحتيال من نوع ما، لأن المترجم سيترك القارئ يظن بأنه يقرأ شعرا مترجما، في حين أنه في الواقع يقرأ شعرا مرسلا مكتوبا بلغة غير لغة النص المصدر، و لكن ثيمته مبنية على ثيمة النص ألأصل. و"لا!"، حين لا يتمتع المترجم بروح شاعر قادر على خلق تجانس في النص الهدف ليسوّغه شعرا مرسلا أو شيئا من هذا القبيل! و هنا ستكون الخسارة على ألأغلب في كليهما؛ الشكل و المعنى، و لكنها، دون ريب، ستكون أكبر في المعنى، بخاصة حين لا يتمتع المترجم مثلما قلت بما يسمى "بالنفس الشعري".

3-  و الافتراض الثالث يقول " . . . . أنه لمن المستحيل إطلاقا ترجمة الشعر نظما بنظم". و عبارة "نظم بنظم" هنا تعني في الغالب تحويل الكل (شكلا و مضمونا) من شعر موزون مقفى في اللغة المصدر الى شعر موزون مقفى في اللغة الهدف. و محاولة من هذا النوع، في الواقع، قد تشبه، ان جاز لنا التشبيه، النية في تحويل سيارة سباق أنيقة، و خفيفة، و جميلة، بصغرها و دقتها و انسيابيتها، الى سيارة شحن. ذلك، لأن المترجم في هذه الحالة عليه افتراضا نقل قصيدة موزونة مقفاة في اللغة المصدر، بصيغة قصيد منظوم في اللغة الهدف. و مع ذلك، لو توخينا الدقة في التعبير هنا لقلنا بأن التطابق، أو قل التماثل، أو التناظر، أو اية صفة من هذا النوع، لن تتحق قطعا، لا في المضمون، و لا في الشكل، و لا في التلقي. و من هنا، لن تكون للقصيدة المبتدعة بالقصيدة ألأصل سوى علاقة واهية، لدرجة أنها لا تصلح أن تسمى لها ظلا! ذلك، ببساطة، لأننا مهما فعلنا لن نجد اي تطابق بينهما، لا فنا و لا دلالة، بسبب ما ذكرته سابقا من الاختلاف الصارخ بين خصوصيات اساسيات الشعر الانكليزي English poetry essentials' peculiarities  و خصوصيات أساسيات الشعر العربي. و ناهيك عن الاختلاف البيّن بين أبنية اللغتين أساسا، كونهما من أسرتين لغويتين مختلفتين، و ناهيك  أيضا عن الاختلافات الثقافية و خصوصياتها، مما يقف عثرة في تحقيق اي تطابق في النظم الشعري بين اللغتين. فما بالك بالاختلافات ألأخرى العديدة المذكورة في صدر كلامنا! و من الممكن، واقعا، أن تكون الفجوة أكبر في امكانية ترجمة من هذا النوع، اذا علمنا بان قسما من الاختلافات بين اللغتين موروثة في اللغتين و قسما آخر منها يقع خارج اللغتين، و لكنه يفرض نفسه أثناء الترجمة.
و من المحتمل أن تكون الخسارة هنا مؤثرة، شكلا و مضمونا. ذلك، لأن مما يرد الى ذهن المرء فورا، هو أن لحظة خلق القصيدة ألأصل لن تتكرر على الاطلاق في داخل وعي المترجم مهما كان بارعا في التقمص الترجمي، لأن التاريخ و الزمن لن يكررا نفسيهما! و بذا، قد لا يرتقي نتاج المترجم سوى الى تكرار كاريكتيري، يصدق عليه قول ماركس معقبا على هيغل قوله أن التاريخ يكرر نفسه: " .  . . صحيح ان التاريخ يكرر نفسه، غير ان هيغل نسي أن يضيف بأنه في المرة ألأولى يكون دراماتيكيا و في الثانية يكون كاريكاتيريا!".
و هذا بإختصار يعني أن القصيدة المترجمة هنا ستكون مختلفة عن القصيدة المصدر على جميع المستويات؛ سايكولوجيا، و ثقافيا، و بنيويا، و جماليا، و أسلوبيا، الخ من صفات ذات علاقة. و من المفارقة هنا هو أن القارئ، في مثل هذه الحالة، لا يتعرض للاحتيال من ناحية ايهامه بأنه يقرأ قصيدة، لأنه، في الواقع و فعلا، يقرأ قصيدة،  غير أنه يتعرض لاحتيال من مورد آخر، و هو أنه يقرأ قصيدة في اللغة الهدف، تحمل اسم شاعر من اللغة المصدر، لا علاقة له بنص القصيدة المبتدعة باللغة الهدف. و لكن عزاءنا هنا قد يكون في امكانية استنهاض قدرتنا على تلمس ظلال صور القصيدة المصدر في القصيدة الهدف، و هي تعكس للقارئ لونا باهتا من الثيمة الأصلية.

قد يسأل أمرؤ هنا معقبا: لم هذا الإصرار، يا ترى، من كاتب هذه السطور على ترجمة الشعر؟
و الجواب هنا له بعدان: عام و خاص.
-     العام: هو أننا بحاجة لترجمة الشعر لضرورات ثقافية، ما دام الشعر يشكل جانبا مهما من جوانب اللغة التي ندرسها، لأنه جزء من الأدب، و الأدب يشكل مصدرا مهما من مصادر التغذية الراجعة للغة؛ و
-    الخاص: هو أن ترجمة الشعر، عند كاتب هذه السطور حصرا، (و ربما عند كل المترجمين الواعين!) هي نوع من أنواع التسلية، التي لا تخلو من غاية عقلية ادراكية. و طالما كان الشعر في بنيته السطحية و العميقة، على حد سواء، هو نوع من رسالة مشفّرة coded message  غير مباشرة لمشاعر المتحدث speaker في القصيدة، فليس ثمة شئ أشد اغراء عند دارس لغة، اذا كان مترجما محترفا، من فك شفرات decode ألأفكار من لغة ما و تحويلها trans-code بعملية عقلية ادراكية بالغة التعقيد، و ربما غير محسوسة حتى في مجرى تفكير المترجم، الى فكرة عامةnotion  محايدة قبل أن يعيد تشكيلها بشفرات encode لغة أخرى. و الشعر، حسبما يظن فنيا، هو أكثر نتاجات اللغة ألأدبية تشفيرا على الاطلاق. و أجدني هنا أذكر مثال ادوارد فتزجيرالد Edward Fitzgerald، مترجم رباعيات الخيام من الفارسية الى الانكليزية في القرن التاسع عشر مثالا. اذ لم يلتفت، لا الجمهور الانكليزي آنذاك، بل و لا حتى النقاد عموما، الى موضوع مدى التماثل، أو التطابق، أو التشابه بين الرباعيات بنصها الانكليزي و نصها الفارسي، قدر احتفائهم جميعا، نقادا و قراء، بما خلقته قدرة فتزجيرالد الخلّاقة من شعر مكتوب بالانكليزية مستوحى من مناخ الرباعيات و جوها الروحي الآسر.

و بما أن القارئ كان قد إطلع، من خلال السطور السابقة، على بعض مشاكل ترجمة الشعر، لا كلها، و لأن الموضوع هنا كثير التشعب أصلا، سيجد القارئ في أدناه مقاربة لجانب مهم من جوانب ترجمة الشعر و ألأدب عموما، و هو ما يسميه كاتب هذه السطور  بـ"الخاصيّات الثقافية" ترجمة عربية لمصطلح culture specifics الانكليزي!
و سيجري هنا، وضع قصيدة ابراهيم الخياط "صباح الخير . . .  بعقوبة" (و كان كاتب هذه السطور قد وضع قراءة سيميائية للقصيدة، عند نشرها في جريدة طريق الشعب عام 2008، رافقت نشرها بسبب تشبعها بخاصيّات ثقافية شديدة المحلية) في ميزان التطبيق الترجمي مرتهنة للخاصيّات الثقافية، تقوم به المترجمة غيداء الفيصل، لتوضيح مفهوم الخاصيّات الثقافية المذكورة آنفا. و محاولة تبيان مدى تأثير تلك الخاصيّات الثقافية على استمتاع المتلقي بالقراءة الجمالية و المعرفية للقصيدة. و بالأحرى، محاولة معرفة مدى ما يمنى به النص الشعري، من خسارة دلالية و ضياع جمالي، عند تلقيه من لدن قارئ يقرأه بلغة غير اللغة التي كتب بها النص الشعري. هذا، اذا أخذنا بنظر الاعتبار بأن الشعر، و بسبب خصائصه الصوتية و البنيوية و البلاغية و الحسية الشديدة التعقيد و المتلازمة مع بعضها، يتطلب استجابة فورية، لا تحتمل التأجيل، ان لم تتوفر لدى المتلقي فور قراءته أو سماعه للقصيدة،لا تكون هذه قد حققت غايتها الجمالية و المعرفية و الحسية في التأثير!

الخــاصيّــات الثقــافيــة
                                              غـيـداء الـفـيـصـل
 
يظن عادة بأن الخاصيّات الثقافية، و عدم معرفة قارئ الشعر المترجم بالتضمينات الثقافية للقصيدة، أو قلة معلوماته عنها، قد يشكل عقبة جدية في طريق التلقي الانسيابي و السلس و المرن للقصيدة، و مما يكون بالتالي عاملا سلبيا يؤثر على  على المتلقي في محاولته الانداج بالجو الذي تصوره القصيدة. و لاعطاء مثال واضح عن المقصود بـ"الخاصيّة الثقافية culture specific" ، لنأخذ مثلا البيت التالي من الشاعر الجاهلي:
و من يصنع المعروف في غير أهله      يلاقي الذي لاقى مجير أمّ عامر
فتعبير "أمّ عامر" الوارد في القصيدة هو عند عرب الجاهلية كنية للضبع. و لنفترض أن هذا البيت قد ترجم الى الانكيزية على النحو التالي:
That who do a favor to those who deserves it not;
He may be returned back as that that made a kind act to Um 'Aamir.

فمن أين للقارئ الانكليزي أن يعرف بأن تعبير "Um 'Aamir" هي كنية للضبع، استعملت في هذا البيت لتشير الى حكاية لها دلالة اخلاقية حدثت في وقت ما بين أعرابي و ضبع جريح جائع، ما لم يحاول المترجم، اتماما لفائدة القراءة، أن يحل هذه العقبة التي تعيق السلاسة الدلالية. و "أم عامر" هنا هي، دون ريب،  خاصيّة ثقافية في ألأدب الكلاسيكي العربي. فهل على المترجم هنا أن يؤنـﮕلز anglicize الكلمة (على منهج النقل الصوتي transliteration)، مثلما فعلت أنا في السياق[1]، أم عليه أن يترجم translate العبارة باستبدال الكنية الى الاسم الصريح للضبع (" hyena  ضبع" بدل "Um 'Amir أم عامر")، و يضع في الحالتين هامشا يفسر فيه حكاية الاعرابي مع الضبع؟

أو لنأخذ مثلا آخرهنا هو بيتي الجواهري التاليين من قصيدته المعروفة "مفاتيح المستقبل":
          سلام على جاعلين الحتوف       جسرا الى الموكب العابر
          . . . . . . ..  
سلام على حسن هذا المصير     سلام على البطل الصائر
ها هنا، ثمة ما يجعل الوضع أعقد بكثير، اذ أن تعبيري "جاعلين الحتوف" و "البطل الصائر" هما في الأصل استعارتين عن أشخاص وطنيين معينين أعدموا في العهد الملكي بسبب وطنيتهم . . .  و لنفترض بأن البيتين ترجما الى الانكليزية على النحو التالي:
Peace be on those who, out of their death, make
A bridge for the traversing parade.
. . . . . . . . . . . .
Peace be on that admired fate,
Peace be on that that is hailed as a hero-to-be.
 
قد يتساءل القارئ الانكليزي عمن يكون هؤلاء، على الرغم من أن عبقرية الجواهري هنا كانت، بعدم التصريح بأسماء الوطنيين الذين جعلوا من حتوفهم جسرا و صاروا أبطال، قد نجحت بالخروج بالفكرة من  فضاء "الخاص" الى رحاب  "العام"؟ و من أين للقارئ الانكليزي أن يعرف خاصيّة ثقافية بالغة التعقيد و التركيب من قبيل: "جاعلين الحتوف those who make out of their death/ a bridge . . . " و "البطل الصائر that that is hailed as a hero-to-be . . ."، ما لم يقم المترجم، ان أراد أن يحافظ على اندفاع المشاعر الموجود في القصيدة و دراماتيكيتها، باعطاء هوامش يبيّن فيها التواريخ و ألأحداث و يعرّف فيها بالأشخاص؟!

و الأمثلة في هذا السياق قد ترد في الشعر بالمئات، بل قل بالآلاف!

أو لنأخذ مثلا، من الشعر الانكليزي، لازمة قصيدة ت. س. اليوت في قصيدته المعروفة "أغنية حب الى جي. الفرد بروفروك The Love Song of J. Alfred Prufrock":
In the room the women come and go,    
Talking of Michelangelo.
النساء رائحات غاديات في الغرفة
يتحدثن عن مايكلانجلو.

قارئ القصيدة الانكليزي هنا، و بسبب احاطته بدور مايكلانجلو الفني و التنويري، ما أن تقع عيناه على مفردة "مايكلانجلو Michelangelo" حتى يبدأ ما موجود من تلميح في ثنايا المفردة يتفاعل عنده تلقائيا، على مستوى الادراك و الثقافة، و هو ما يمكنه من الاستمتاع بقراءة القصيدة فورا و دون عوائق!
و لكني أزعم هنا أنه حتى لو كان قارئ ترجمة هذه القصيدة الى العربية يعرف مسبقا ما لمفردة "مايكلانجلو" من دلالات، فقد يسأل . . . لماذا مايكلانجلو، و ليس رفائيل، أو ديلاكروا؟  . . . يحصل هذا، بسبب الاسقاطات التي يحدثها استعمال اليوت للمفردة في لازمة القصيدة! و ها هنا تكمن، دون ريب، الخاصيّة الثقافية! و أزعم هنا أيضا ان عدم الاحاطة الفنية و الحسية، من لدن قارئ النص بغير لغته الأصلية، لما يرتبط بمفردة "مايكلانجلو" من مضامين في الوعي الغربي، لا بد من أن يؤثر سلبا من الناحية الدلالية، و بالنتيجة على حيوية النص المترجم، بسبب قصور في معرفة القارئ بسيميائية القصيدة. ذلك، لأن فن مايكلانجلو، رساما و نحاتا و معماريا و شاعرا، يعد بحد ذاته سيمياء انسانية في الفن الغربي، ما يجعل مم شخصيته و فنه خاصيّتين ثقافيتين بالغتي العمق و الأهمية في الثقافة الغربية عموما. فما العمل؟ و ماذا على مترجم القصيدة أن يفعل، لكي ييسر لمتلقي القصيدة مترجمة قراءة تستبقي أكبر قدر ممكن من الدلالات السيميائية، و بأقل قدرممكن من الخسارة الدلالية و الفنية؟ أيكتب، مثلا، هوامش تبين دور مايكلانجلو في الفن الغربي، ما يسهل توضيح الصورة الموجودة في لازمة اليوت، في بنيتيها العميقة و السطحية على حد سواء، بخاصة اذا أدرك المترجم بأن اليوت معروف عنه انحيازه المطلق تقريبا لما عرف اصطلاحا بـ"الصورية imagism" في الشعر الحديث، و ما يحدثه هذا النهج من اسقاطات في شعره؟

أو لنأخذ، مثلا، البيتين التاليين من قصيدة الكسندر بوب Alexander Pope المشهورة "مقالة في النقد An Essay on Criticism"، اذ يقول:
A little learning is a dangerous thing;
Drink deep or taste not the Pierian spring.
نتفة من علم هي شئ خطير
ارتوِ ان شربت، و الّا، فلا تشرب من النبع الـيري.

فـ"النبع الـﭙيري Pierian spring" ها هنا هو خاصيّة ثقافية،  ومن أين للمتلقي العربي أن يعرف بأن "النبع الـﭙيري" هو استعارة رمزية لـ"نبع المعرفة" عند ألاغريق الغابرين، فورّثوه خاصيّة ثقافية للغربيين عموما، ليكون عندهم رمزا مصدرا للحكمة و المعرفة! فما العمل؟ أعلى المترجم هنا، لكي يبقي على حيوية النصيحة المعرفية التي يسوقها بوب للقارئ هنا، أن يعرّب "Pierian spring " الى "النبع الـيري" (على منهج النقل الصوتي) مثلما فعلت أنا للتو في السياق أعلاه، أم يترجم "Pierian spring "،  متجاوزا النقل الصوتي، فيستعمل في سياق الترجمة عبارة "نبع الحكمة" بدل عبارة "النبع الـﭙيري"؟ و مع ذلك، فهو ان  اختارهذه أو تلك، سيكون ميالا بالتالي لالحاق هامش يفسّر فيه هذه الخاصيّة الثقافية!

الآن و قد بات واضحا ما نعنيه بـ"الخاصيّة الثقافية"، و صار معروفا بأن جهل القارئ بالخاصيّات الثقافية الواردة في النص المترجم قد يكون عائقا في طريق الاستمتاع استمتاعا كاملا بقراءة النص الشعري المترجم. نقول هذا، حين لا تقوم الخاصيّات الثقافية سوى بدور محيطي في ثيمة القصيدة، أقصد في موضعين أو ثلاث، لا أكثر، بحيث لا تعيق انسياب التلقي الاّ قليلا! فما بالك في حالة تشكّل فيها الخاصيّات الثقافية الجزء ألأعظم من القصيدة، بل لبّها، و تكاد أن تغطيها بين البيت و البيت الآخر، مثلما هو حاصل في قصيدة ابراهيم الخياط "صباح الخير . . . بعقوبة"، و هي قصيدة قد لا يقدر شاعر له مكنة ابراهيم الخياط الشاعر، و بعقوبي بامتياز، على تغذيتها بهذا الكم الهائل من الخاصيّات الثقافية، و يخلق منها، في الوقت نفسه، تلك الحيوية الشعرية الجمالية المدهشة! بخاصة حين يكتشف المترجم أن بنية القصيدة تتقاسمها، في كفتي ميزان: تكرار لعبارة "صباح الخير" و الخاصيّات الثقافية.

لنقرأ أولا القصيدة و ترجمتها:
  
Good Morning, Baqubah
                                                   Ibraheem Al-Khayaat
                                                            Translated by
                                                           Ahmed Khalis Al-Sha'lan

   Good morning to Al-Shakhah[2]                                               صباح الخير على الشاخة     
                        to the Morningعلى الصبح                                            
to the people, who  are loved tenderlyعلى ألأحبة                               
                        to Al-Atibah Street[3]على شارع ألأطبة                              
                        to the crowded places, in the Dawn, على المساطر المكتضة   
                                    with laborers, and booby-trapsبالفجر و العمال و العبوات
                        to Al-Anafsah Quarter,[4] the caretakerعلى العنافصة الناطرة                
                        to  Al-Mulayah, Ma'ydah[5]على الملّاية مائدة                          
                        to Mahi,[6] the coachman على ماهي                                  
                        to The Cafés[7] على المقاهي                                                 
                        to the Bazaar, blessed by Mashallah! على السوق ما شاء الله  
                        to the Minaret[8], attesting على المنارة الشاهدة                        
                        to the Minaret, martyredعلى المنارة الشهيدة                          
                        to our secrets, asleep على أسرارنا النائمة                              
                        to the Stairway of Abu Nadhum[9], awake على مرقى ابو ناظم     
                        to the neighbors على الجيران                                              
                        to The Native Pillar[10], well-known in the town على العميد البلدي
                        to Al-Saraiy,[11] formidableعلى السراي العظيم                           
                        to the Mansion of Al-Saieed Abdul-Kareem's[12]
على دارة السيد عبد الكريم                                                                         
                        to Almahrogh[13], who has never left us,
على المحروك الذي لا يرحل                                                                 
                                                            but never stayed و لا يقيم                       
                        to Al-Shareef Shrine[14] hiding mysteriesعلى الشريف و ما طوى 
                        to Paradise and Hell          على الجنة و الجحيم                          
                        to the Prison[15] and Dove [16]   على السجن و الحمامة              
                        to the Mayor[17] and his story with Fawziyah[18]
على المحافظ و "فوزية"           
                        to the Martyrs, and the people, butchered على الشهداء و القتلى
                        to the Train-station[19], and the expelled[20]
على المحطة و المسفّرين                                                                        
                        to the Seven O'clock Trainعلى قطار الساعة السابعة                [21]
                        to Al-Safeenah[22], crowded and swaying  على السفينة الموّارة    
                        to nycterinias[23]  على الشبوي                                              
                        to the Lantern of Muai'yad Sami[24], على مشكاة مؤيد سامي          
                        to Yaseen Al-Daqeeqah[25] of acute things, truth, and visions
على ياسين الدقيقة و الحقيقة و الرؤى                                                           
                        to you, Um Al-nuaa[26], عليك يا "أم النوى"                            
                        to Jurf Almilih[27], and Jurf Alhiloo,[28]
  على جرف الملح و جرف الحلو                                                               
                                                and Jurf Alhawa  و جرف الهوى                     
                        to the sunshine's suspense, على القلق الشمسي                      
                                                of Hassan[29], the photographer عند الفوتو "حسن"
                        to the Daughters of Al-Hassan's على بنات الحسن                         
                        to the lassies على البنات                                                  
                        to Shiftah[30], its eyes,على شفتة العيون                                
                                                 . . . dreamt of by the lenses. تحلم بها العدسات    
                        to the moons hidden in abas
                                                                    على الأقمار المخبوؤة في العباءات
 to the cultivated palms and jujubes,على النخل المثقف و النبق
                                                            . . . and oranges. و البرتقال                        
                        to the bridge of those distanced from us.
على قنطرة الغائبين
                        to the dreamy people على الحالمين                                      
                        to usعلينا                                                                         
                        to the Corniche,[31] coming back to usعلى الكورنيش الذي عاد الينا 
                        to the Party's Center[32], exalted على "المقر" العالي                  
                        to the nights على الليالي                                                     
                        to the virgin exquisite wineعلى الرحيق المختوم                     
                        and, to the beautiful teacher, و على المعلم الجميل                  
                                                            Khaleel.[33] خليل                                    
Good morning . . . good morning . . .  صباح الخير . . . صباح الخير              

* * * * *                      * * * * *                      * * * * *

هذه قصيدة تكاد ألا تكتظ بالخاصيّات الثقافية فحسب، و انما و لشدة إكتظاظها بما هو محلي شديد الخصوصية، انها لو نزعت منها كل تلك العبارات المطبوعة بالحبر الغامق، لن يتبقى، في الواقع، من القصيدة شئ سوى تعبير "صباح الخير"، الغائب كتابة و الحاضر وعيا، زائدا الصفات اللغوية المستعملة و معها أدوات الربط! أي ان ما يتبقى من القصيدة المظنونة، في الواقع، لا يساوي شيئا بحيث نسميه، من الناحية التقنية، قصيدة!

فكيف، ياترى، على المترجم أن يتعامل مع قصيدة مترعة بالخاصيّات الثقافية تحملها عبارات من قبيل: الشاخة Al-Shakhah، شارع ألأطبة Al-Atibah Street، العنافصة Al-Anafsah Quarter، الملّاية مائدةAl-Mulayah Ma'ydah  ،  ماهي Mahi، المقاهيThe Cafés  ، السوق ما شاء الله Bazaar, blessed by Mashallah ، المنارة الشاهدةMinaret[34], attesting  ، المنارة الشهيدة Minaret, martyred، مرقى ابو ناظم Stairway of Abu Nadhum ، العميد البلدي The Native Pillar ، السراي العظيم Al-Saraiy,[35] formidable، دارة السيد عبد الكريم Mansion of Al-Saiyid Abdul-Kareem's ، المحروك Almahrogh ، الشريف Al-Shareef Shrine ، الجنة و الجحيم Paradise and Hell، السجن و الحمامةPrison[36] and Dove ، المحافظ و "فوزية" Mayor[37]and his story with Fawziyah ، الشهداء و القتلى Martyrs, and the people butchered ، المحطة و المسفّرين the Train-station[38], and the expelled ، قطار الساعة السابعة Seven O'clock Train، السفينة الموّارة Al-Safeenah ، مشكاة مؤيد سامي Lantern of Muai'yad Sami ، ياسين الدقيقة Yaseen Al-Daqeeqah ، أم النوى Um Al-nuaa ، جرف الملح و جرف الحلو Jurf Almilih[39], and Jurf Alhiloo ، جرف الهوى Jurf Alhawa  ، الفوتو "حسن" Hassan[40], the photographer ، بنات الحسن  Daughters of Al-Hassan's، شفتة Shiftah ، الأقمار المخبوؤة في العباءات moons hidden in abas ، النخل المثقف و النبق و البرتقال and oranges  cultivated palms and jujubes ، قنطرة الغائبين bridge of those distanced from us، الكورنيش the Corniche ، المقر  Party's Center ، المعلم الجميل the beautiful teacher ، خليل Khaleel، (و كلها خاصيّات ثقافية مرتبطة حصرا بمدينة بعقوبة و بشخصياتها و أماكنها و تواريخها الكارزمية)،؟

ثمة، في الواقع، في حقل الترجمة ستراتيجية يلجأ اليها المترجم، ليعالج الوضع، كي  يمكّن المتلقي في اللغة الهدف من تجاوز العائق القرائي الذي توجده  الخاصيّات الثقافية، بأن يقوم المترجم بالنقل الصوتي transliteration (التعريب، الأنـلزة، الخ) للأسماء العلم و يعضده بهوامش يبيّن فيها المعلومات المطلوبة، مثلما جرى التعامل هنا مع ترجمة قصيدة ابراهيم الخياط الى الانكليزية، اذ أن العبارات المطبوعة بالحبر الغامق، عدا بعضها، مثل العميد البلدي، و الأقمار المخبوؤة في العباءات، التي تعد استعارات شعرية، فجميعها تقريبا أسماء علم و أسماء عامة، و أغلبها ليست تسميات عابرة، و انما تسميات اكتسبت وجودها الدلالي من استعمالات استعارية تاريخية و اجتماعية و سياسية و رمزية عفوية، بل و منها ما تتشعب رمزيته و استعماله الدلالي، لدرجة أننا لو غصنا في ثناياه لوجدنا فيه مضامين سايكولوجية تغور في الوعي الجمعي لأهالي مدينة بعقوبة!
 و السؤال ألأهم هنا هو: هل يمكن أن تمضي التجربة القرائية قدما دون عوائق و بتوافق حسي- ادراكي، اذا ما ركنا الى حقيقة أن الشعر هو بالأساس فن سماعي أكثر منه مقروءا؟ فالمرء، في الواقع، لا يستطيع أن يتصور شاعرا يلقي قصيدة، و يتوقف بين الفينة و الفينة، ليوضح الخاصيّات الثقافية الواردة في قراءتها! و مثلها قد لا يستساغ في تجربة قراءة الشعر، بلغته الأصلية أو بلغة أخرى، الركون الى وقفات من هذا النوع يذهب بها القارئ ال مصدر يميّز فيه المضمون، فتضيع عليه ربما متعة القراءة!

 و أظن أنه من هنا، جاء الرأي القائل بأن كثرة الهوامش في النص الابداعي يلحق حيفا في سلاسة التلقي، فما بالك بتلقي نص شعري، كتب بلغة أخرى غير التي نظم فيها بالأصل، و متخم بالهوامش، بخاصة اذا كان نصا شعريا من طراز قصيدة "صباح الخير . . . بعقوبة"؟

قد يصادف أن يحجم الشاعر أكثر من مرة عن ترجمة بعض القصائد، على الرغم من رغبته العارمة لترجمتها. يحصل هذا حين يكون المترجم واعيا، لا يهمه اسقاط فرض الترجمة قدر عنايته بنقل تجربة جمالية يخشى عليه من الضياع عند ترجمتها من لغة الى أخرى. لذا، و لكي ينأي بنفسه بعيدا عن خدش جمال القصيدة و حيويتها، نراه يحجم أحيانا عن نقلها الى لغة أخرى! و بغض النظر عن الحاجة الثقافية، فثمة من الشعر ما يعد، عند المترجم الواعي، المحب للجمال، عصيّا على الترجمة، لا بسبب صعوبة ترجمته، و انما بسبب الخصوصيّة الشديدة للقصيدة و امتناعها الابداعي، ما يجعلها لا تستسلم اطلاقا للترجمة باليسر الذي يتوهمه المترجم!

و لا أجانب الصواب هنا ان قلت عن قصيدة الشعر أن كأسها ما لم يجر " . . . . عللٌ شربه"، و عذرا للبحتري، فان قراءتها مترجمة ستفسد عند الانقطاعات المتكررة الحاصلة بين الحين و الحين، حين يروح القارئ ليستشير هامشا هنا أو هامشا هناك! فما بالك بقصيدة، مثل قصيدة ابراهيم الخياط، التي لا يقيّض شرب "كأسها . . .عللٌ"، حتى للقارئ العربي في نصها العربي، ما لم يكن هذا القارئ عراقيا و بعقوبيا حتى النخاع، عارفا بجل السيمياء الموجود في ثنايا الأبيات، و الكلمات! 
و متذكرين هنا قول كولن ولسن من أن " . . . المتعة التي يخلفها الفن لمحبيه لا تختلف كثيرا عن المتعة التي تخلفها ممارسة الجنس حين تترك الانسان بعدها خليا و راضيا، فمن لنا، يا ترى، بقارئ يقرأ "صباح الخير . . . بعقوية" مترجمة الى الانكليزية و يخطف منها ذروة نشوة قراءتها مثلما يفعل القارئ البعقوبي بامتياز!
 و طوبى أيضا لموريس توريز الذي قال مرة: "المزيد من المحلية هو الذي يطلع بنا الى ألأممية"!  



[1] "الأنكلزة Anglicization  " و "التعريب" ، و غيرهما من عمليات تخص لغات أخرى تستعمل في الترجمة لتعني "النقل الصوتي transliteration  " للأسماء العلم أو الأسماء العامة أو الرمزية مثلما هي في لفظها من اللغة المصدر source language الى اللغة الهدف target language ، مثلما فعلنا هنا مع تعبير "أم عامر Um 'Aamir
[2] "الشاخة" هي التسمية الشعبية لنهير خريسان الذي يخترق بعقوبة من شمالها الى جنوبها
[3] شارع الأطباء في بعقوبة الذي كان، منذ خمسينيات و حتى ثمانينيات القرن العشرين،  يتحول يوميا عصرا الى مهرجان جميل للتسوق و التبضع و الى فرجة بشرية تسر العين.
[4]  "العنافصة" هي منطقة شعبية، فيها سوق شعبي، تتواجد فيه أشهر و أجمل بائعات القيمر، "أم عباس" و "أم علي"، و "أم جبارة" و غيرهن  . . . . و هو أول مكان في بعقوبة تلقى قذيفة هاون من الارهاب، راح ضحيتها عدد من أبناء المدينة
[5] "الملاية مائدة" مشهورة جدا في بعقوبة في أدائها المتميز في المآتم حزنا، و في ألأفراح طربا، على حد سواء، و لا تختلف عن "صديقة الملاية" ذائعة الصيت بشئ سوى أن ألأخيرة عملت على الوصول الى الاذاعة، و نجحت.
[6]  "ماهي" هو واحد من أشهر حوذيي (عربناجيي) بعقوبة، أبان الخمسينيات من القرن العشرين كان ماهي، وبسبب غياب وسائل الدعاية آنذاك، يقوم بالطواف في عربانته في طرقات المدينة ببوستر اعلاني كبير للدعاية للفلم الذي كانت دار سينما ديالى تقوم بعرضه في بعقوبة.
[7] المقاهي الشعبية أو "الجايخانات"
[8]  "المنارة" و المقصود بها هنا منارة حسينية بعقوبة تحديدا
[9]  "أبو ناظم" أشهر صاحب بار في بعقوبة. و كان معروفا عنه ثقافته الواسعة و وعيه السياسي، و استعمال مفردة stairway) و استعملت هنا مقابل لـ "مرقى" الواردة في النص العربي) في سياق هذا البيت هو لـ "المفارقة" (و هي أحد المجازات الشعرية)، اذ كان الداخل الى بار أبو ناظم يضطر الى النزول أربع درجات تحت مستوى الشارع، و المفارقة هنا تكمن أن مرتادي البار، و أغلبهم من الشعراء و ألأدباء، و ان كانوا ينزلون الى البار فيزياويا، ألا أنهم يرتقون روحيا ( و من هنا جاءت مفردة "مرقى") بعد أن ينتشوا و تتفجر ابداعاتهم! 
[10]  المقصود به "العميد البلدي"، و هي شخصية اعتبارية يحترمها الناس و يستشيرونها. و المقصود هنا تحديدا هو الحاج صادق الكرادي، أحد أهم محسني بعقوبة و أعيانها.
[11]  "السراي" و هو بناية حكومة محافظة ديالى أبان اربعينيات و خمسينيات القرن العشرين، و هو موجود حاليا في محلة شعبية تسمى باسمه، و كانت في القديم تشكل نصف مدينة بعقوبة تقريبا. و بناية "السراي" يشغل قسما منها حاليا مقر أتحاد ألأدباء في ديالى، و معه عدد من منظمات المجتمع المدني.
[12] المقصود هنا هو السيد عبد الكريم المدني، الشخصية الدينية و الاجتماعية الفذة، المعروف عنه أنه ترفع بدينه و لم يدنسه بتحزبات السياسة و الطوائف، و كان بيته دائما ملاذا لمن يطلب نصيحة و استشارة.
[13]  "المحروگ" المقصود به علي هادي المحروگ، و هو قيادي في الحزب الشيوعي في بعقوبة و كان أحد مضطهدي صدام
[14]  المقصود هنا هو مرقد "الشريف الرضي"، الكائن حاليا في بعقوبة الجديدة، و يوئمه الزوار في الربيع، لزيارة موتاهم المدفونين في مقبرته.
[15]  الاشارة هنا الى سجن بعقوبة المركزي الذي كان أبان العهد الملكي معتقلا كبيرا للسياسيين من جميع الاتجاهات. و كان أهل بعقوبة يسمعون منه صباحا صوت المساجين يغنون أناشيد الحرية. 
[16]  المقصود هنا "الحمامة البيضاء" التي  كانت و ما زالت تستعمل، في ألأدب السياسي و المدني، رمزا للسلام و المحبة بين الناس.
[17]  المقصود هنا هو محافظ ديالى في سبعينيات القرن العشرين و حكايته مع "فوزية" المذكورة في الهامش اللاحق.
[18]  المقصود هنا هي "فوزية أم الدجاج"، المرأة الكادحة، التي راحت تشتكي للمحافظ في موضوع معين، فنهرها. و ما كان منها الا أن تعفط للمحافظ!
[19]  المقصود هنا محطة قطار بعقوبة أيام زمان، و كان الناس يركبون منها الى المنطقة الشمالية في قطارين صاعدين يأتي أحدهما في الساعة السابعة صباحا و الآخر يأتي في الساعة الرابعة مساء، و يركبون الى بغداد، و بخاصة زوار الحضرتين الكاظمية و الكيلانية، في قطارين يسميان نازلين يأتي أحدهما في الساعة الرابعة صباحا و الآخر في الساعة السابعة مساء (و هو الزمن المشار اليه في البيت اللاحق من القصيدة). 
[20]  المقصود هنا هم الناس المنفيون لأسباب سياسية.
[21] اشارة الى فلم  "قطار الساعة سبعة" الذي صورت أغلب مشاهده في محطة قطار بعقوبة و الباقي من مشاهده في مدينة بعقوبة و ناحية بهرز. و اشترك في تمثيله نخبة من فناني بعقوبة.
[22] " السفينة" هنا فيها اشارة مزدوجة الى مكانين في بعقوبة: أولهما هو "مقهى السفينة" و هي مقهى مشهورة في أربعينيات و خمسينيات و ستينيات القرن العشرين، و كانت بنايتها على شكل سفينة، مقدمتها الى الشمال، و ينساب على جانبيها شارعان، أحدهما يوازي نهير خريسان المظلل بالشجر، و الآخر ينساب باتجاه سوق بعقوبة القديم، و مقهى الشبيبة و حمام ابراهيم جوير الشهير الوحيد في بعقوبة، و كان فيه أيضا منزل أسرة الشاعر الشهيد خليل المعاضيدي، المذكور في آخر القصيدة. و الثاني بيت يسمى "سفينة نوح" و هو بيت مؤجر محلا تجاريا من لدن شخصية في بعقوبة هو نوح كاظم. و كان نوح قد خصص ثلاث غرف من هذا اليت ليلتقي فيها دون مقابل شاربو الخمرة و القاصفون، حين منع النظام الدكتاتوري محلات بيع الخمور في سياق حملته الايمانية المزعومة و تولى تنفيذها آنذاك خير الله طلفاح خال الديكتاتور!
[23] هو زهر شجيرة الزينة المعروفة عند العراقيين بالشبوي الليلي.
[24]  المقصود هنا هو الشهيد "مؤيد سامي"، الشاب الكيس و الدمث الذي اختار أن يكون كتبيا في زمن تدهور فيه العقل العراقي، و راح في زمن الدكتاتورية يخاطر بحياته للحصول على الكتب الممنوعة التي تفضح الدكاتورية، و يستنسخها و يوزعها على أصدقائه. و حين أختير عضوا في مجلس المحافظة عام 2005 ، أغتيل بعد أسبوعين من قبل قوى ظلام ألأسلام السياسي. مفردة "مشكاةlantern   " الواردة في القصيدة هي مجاز عن مكتبته و مهنته كتبيا.
[25] "ياسين الدقيقة" هو أحد مثقفي بعقوبة البسطاء. و لقب "الدقيقة" الذي أشتهر به في بعقوبة جاءه من عمله في "الشركة العامة للأجهزة الدقيقة". و اللقب "الدقيقة" يستعمل هنا للمفارقة كأداة شعرية. أضطر ياسين الدقيقة الى العمل اسكافيا بعد انهيار راتبه موظفا في زمن الحصار الدولي و الصدامي على العراق. و كان من شدة بساطته أنه ما كان يظن أنه بكتاباته البسيطة التنويرية قد يكون خطرا على ألأرهاب، فأغتيل من قبل الارهاب و هو يتمشى على "كورنيش" "الشاخة" العلامتين السيميائيتين المذكورتين في القصيدة.
[26] "أم النوه" هي واحدة من أقدم محلات بعقوبة، كان يسكنها الريفيون و الفقراء و الجنود و من انتظم في سلك الشرطة.
[27] "جرف الملح" هي منطقة مجاورة لمحلة "أم النوه"، صارت مأوى للارهابيين و وكرا لنشاطات القاعدة.
[28] "جرف الحلو" هنا نجد تلاعبا بالألفاظ لخلق نقائض لـ "جرف الملح". و كذا هو الحال مع "جرف الهوى" المذكورة في البيت الذي يلي.
[29] "حسن" هو واحد من أشهر مصوري بعقوبة الفوتوغراغيين الشمسيين، الذي كان علامة بارزة في سوق بعقوبة، بميزتين هما: كاميرته الشمسية ذات الصندوق الخشبي، و شخصيته النهلستية المدهشة.
[30] "شفتة" هي الآن حي من أحياء المدينة. تقع على نهر ديالى الى الجنوب من بعقوبة، و كانت قبل أكثر من نصف قرن قرية مجرد قرية من ألأطراف.  و أبناؤها معروفون بزرق عيونهم و شقر شعورهم. و تميزو في سنوات الارهاب العصيبة بتصرفهم و نهجهم العقلانيين. فهم على الرغم من كونهم شيعة المذهب، لم يسمحوا لأي مجموعة طائفية، سواء من ممن على مذهبهم أو على مذاهب أخرى، أن تتخذ لها مقرا في منطقتهم. و بذا أدى بهم هذا الانتصار على الذات الى  أن يترفعوا بأنفسهم فوق مهاترات الطوائف. و مع ذلك، لم يسلم أهلوها من أذى الارهاب، حين راح عدد من أهلها ضحية عمل ارهابي، بتفجير استهدف مسجدها يوم جمعة. 
[31] "الكورنيش" المقصود به الشارعين الموجودين على ضفتي نهير خريسان "الشاخة" منذ دخوله شمالا، عند قنطرة خليل باشا، و حتى مغادرته المدينة جنوبا، عند محطة القطار القديمة، و هما الشارعان اللذان يتفسح بهما أبناء بعقوبة عادة، و لكنهما أشتهرا بفسحات و وقفات جماعات الأدباء و الشعراء و المثقفين البعقوبيين فيهما.
[32]  المقصود هنا مقر الحزب الشيوعي في بعقوبة، أواسط سبعينيات القرن العشرين
[33]  المقصود هنا الشاعر الشهيد خليل المعاضيدي، كان مدرسا للغة الانكليزية، اختطفته قوى أمن الدكتاتورية من الشارع بعد انفراط ما سمي بالجبهة الوطنية و التقديمة، و لم يعد لأهله. و كان شابا وسيما و دمثا و كيسا و حلو الشمائل.
[34]  "المنارة" و المقصود بها هنا منارة حسينية بعقوبة تحديدا
[35]  "السراي" و هو بناية حكومة محافظة ديالى أبان اربعينيات و خمسينيات القرن العشرين، و هو موجود حاليا في محلة شعبية تسمى باسمه، و كانت في القديم تشكل نصف مدينة بعقوبة تقريبا. و بناية "السراي" يشغل قسما منها حاليا مقر أتحاد ألأدباء في ديالى، و معه عدد من منظمات المجتمع المدني.
[36]  الاشارة هنا الى سجن بعقوبة المركزي الذي كان أبان العهد الملكي معتقلا كبيرا للسياسيين من جميع الاتجاهات. و كان أهل بعقوبة يسمعون منه صباحا صوت المساجين يغنون أناشيد الحرية. 
[37]  المقصود هنا هو محافظ ديالى في سبعينيات القرن العشرين و حكايته مع "فوزية" المذكورة في الهامش اللاحق.
[38]  المقصود هنا محطة قطار بعقوبة أيام زمان، و كان الناس يركبون منها الى المنطقة الشمالية في قطارين صاعدين يأتي أحدهما في الساعة السابعة صباحا و الآخر يأتي في الساعة الرابعة مساء، و يركبون الى بغداد، و بخاصة زوار الحضرتين الكاظمية و الكيلانية، في قطارين يسميان نازلين يأتي أحدهما في الساعة الرابعة صباحا و الآخر في الساعة السابعة مساء (و هو الزمن المشار اليه في البيت اللاحق من القصيدة). 
[39] "جرف الملح" هي منطقة مجاورة لمحلة "أم النوه"، صارت مأوى للارهابيين و وكرا لنشاطات القاعدة.
[40] "حسن" هو واحد من أشهر مصوري بعقوبة الفوتوغراغيين الشمسيين، الذي كان علامة بارزة في سوق بعقوبة، بميزتين هما: كاميرته الشمسية ذات الصندوق الخشبي، و شخصيته النهلستية المدهشة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق