بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 أكتوبر 2016

مقالة في ترجمة الشعر... فـســــاد في نــــقـــــــد الترجمة و إفـتـقـار للـتـقـالـيــد!


An essay on translating poetry …
Translation Criticism Corruption: ... Lack of Traditions
By: Ahmed Khalis Shaln
مقالة في ترجمة الشعر ...  
... فـســــاد في نــــقـــــــد الترجمة: ... إفـتـقـار للـتـقـالـيــد!
 أحمد خالص الشعلان

نشرت جريدتكم  في عددها 1637 ليوم الثلاثاء 31/ 3/ 2009  مقالا بعنوان  "فساد ترجماني"، تطرق فيه كاتبه جودت جالي الى أخطاء مظنونة في قصيدة مترجمة نشرت لي في جريدة الصباح.

           أريد أولا أن أعرف الصفة التي أخاطب بها صاحب المقال: أهو دارس ترجمة، أم مدرس ترجمة، أم هاوي ترجمة؟ . . فهذا مهم . . و بعد إني أعطيت " عنقي" فرصة  ليكون بـ "طول عنق البعير" كي لا يخرج كلامي جزافا، أسأله:

 1 -  هل يعلم كاتب المقال أنه من باب المستحيل أن تتحقق ترجمة  الشعر الى اللغة الهدف شعرا.  و بذا، لا تعدو  ترجمة الشعر، من أية لغة الى لغة اخرى، أكثر من إعداد لمعنى القصيدة  نقرِّب به ثيمة القصيدة  للمتلقي في اللغة الهدف . . و هكذا نوهمه  بأنه يقرأ شعرا، بأن نفصّل ترجمتنا للقصيدة بشكل و تقطيع يشبهان، الى حد ما، ما يسمى "قصيدة منثورة"، فضلا عن أنه كان يقرأ القصيدة المنشورة عن لوحة فنية مصاحبة، بذلت جهدا في البحث عن اللوحة و وضعها الى جانب القصيدة، أفلا يحسب هذا  نوعا من "إعداد" (كذا)؟ . . أولا يكون البحث في المصادر لجمع عدد من القصائد ضمن وحدة موضوع يستحسنه الباحث والتعليق عليه إعدادا؟

الذنب ليس ذنبك سيدي و أستاذي  . . بل هو ذنب محرري صفحة الصباح الثقافية الذين قبلوا منك هذا الهذر!

2 -  لم استكثر  كاتب المقال عليّ  أن يكون لي وجه أؤول  به معنى القصيدة، أو أن تكون لي قراءة أو "إعادة كتابة" للقصيدة  تختلف عن قراءته هو للقصيدة، فراح يتفنن في إعادة صياغة بعض عباراتي على طريقته، أو أن يستبدلها بمرادفات أخرى، لكي يثبت إني مخطئ؟

الذنب ليس ذنبك مرة أخرى يا أستاذي . . و أنما ذنب أولئك الذين تعودوا على الاجترار، فقبلوا منك ذلك، دون تمحيص، ليظهروه و كأنه  سبق صحفي أدبي ثقافي ترجمي لا مثيل له!

3 - هل تعلم (سيدي، طبعا!) . . أن الترجمة هي إعادة صياغة للنص بلغة أخرى لا تجري حرفيا، و بأننا في علم الترجمة تعلمنا أنه في ترجمة الشعر إن من حق المترجم، لأنه لا يتعامل مع وصفة طبية أو قرآن منزل، أن يغير الإسم الى فعل و  بالعكس، أو الظرف الى صفة و بالعكس، أو الجملة الفعلية الى إسمية أو العكس، بموجب ما تتطلبه الحاجة في تطويع اللغة، لكي تخرج العبارة طليقة، و ان هذه الحرية أوجدها اللغويون  ليتيحوا للمترجم بها ما يحتاجه في تحقيق ما يسمى في علم الخطاب  بـ" تماسك النص coherenceبمجمله من جانب، و تحقيق ما يسمى بـ" تماسك العبارةcohesion " الواحدة. و لأنني لا أترجم الشعر ترجمة حرفية على وفق نهجك الفذ، و إنما أسعى الى تحقيق هذين العنصرين، تحولت عندي كلمة "أخدودfurrow " الى الأداة التي تحفر هذا الأخدود و هي "المحراث" الظاهر في اللوحة (أم أنك لم تنظر في اللوحة أصلا!). و على النحو ذاته، صارت ترجمة impersonal عندي "لا توصف" بدل  ترجمة "مجهولة" التي إقترحتها بعد أن إنتزعت المفردة من سياقها! . . و هل "المجهول" يوصف أو "لا يوصف"  بسبب مجهوليته . . عجبا!

4 –  هل يعلم كاتب المقال إن مفردتي "الشعيرة و الفرضشائعتا الإستعمال في عمليات التصويب حتى عند الجيش العراقي، و من هنا جاءت مفردة "الشعيرات" في ترجمتي  . . و هي ما يتناسب و السياق!

5 -  و مع إعترافي بالخلل الحاصل في معنى العبارة التي وردت فيها كلمة " explode" فحسبتها " explore"، هل يعلم كاتب المقال إن علماء اللغة الإنكليز ما زالوا ينبهون الى الإلتباس الذي قد يحصل لاشعوريا عند مواطنيهم أنفسهم، قبل متعلمي لغتهم، في إستعمال  مفردات تتشابه في أغلب حروفها من قبيل: " quiet  و quite و "loose  وlose " و   prey و  pray" و " explore و explode  "  و " too و two  و tow "،  و بسبب إلتباسات من هذا النوع  عادة ما يحصل إضطراب في المعنى عند أفضل كتابهم،  بل و حتى عند أفضل مترجمينا!

6 – ما الضير في قولنا "كارثة هوائية" التي زعمت كاتب أنك  صححتها الى "كارثة جوية"؟ . . أفلم يكن الهواء هو سبب كارثة إيكاروس في أنه أخفق في التحكم في الريح بعد ذوبان شمع أجنحته؟!

7 -   الحق معك سيدي في لومك للصباح في ألا يكون فيها مرجع للترجمة، كي يراجع النصوص قبل نشرها. . و أنا أعترف لك هنا، بإني نادم على  إني إعتذرت في وقت سابق عن تلبية العرض الذي قدمه لي رئيس التحرير الأسبق للصباح محمد عبد الجبار الشبوط (و الرجل ما يزال حيا)، في أن أكون رئيس قسم الترجمة في جريدة الصباح، لكنت الآن على الأقل المرجعية التي تمر عليها نتاجات و كتابات مترجم جهبذ و فذ لم تلده ولادة من قبل من شاكلتك، و لما وافقت على كل تلك الترجمات الهزيلة (و لا إسمها فسادا ترجمانيا) التي نشرتها ثقافية الصباح من شاكلة أغاني البوب و غيرها! . . علما غني كنت في عام 2004 أول من طالب على صفحات الصباح، بمقالة عنوانها "دار الشؤون الثقافية ... من يقرر الصواب في الترجمة!"، بإيجاد مرجعية من هذا النوع لا في الصباح وحدها، و إنما في هذا البلد البائس ثقافيا و ترجمانيا!

8 – هل تعلم سيدي . . إن فكرة نشر النص الأصلي مع الترجمة هي بالأصل فكرتي أنا، و ليست فكرة محرري الصباح (فهم لم يطالبوا يوما قط بنص أصلي مع الترجمة)، لكي تنسبها لهم تدليسا!  . .  إذ كنت أتوخى من ذلك  أن يبرز نقدا ترجميانيا علميا يحاورني في ترجمتي  و يكشف إلتباساتي، و ينبهني على أخطائي بروح العلم،  لا لكي  يشتمني أو يحشرني مع ثلة الفاسدين إداريا و ماليا، مثلما فعلت أنت، و تواطأ معك محرروا ثقافية الصباح! . . و كنت أحسب إني بهذه الخطوة سألقي صخرة في بركة راكدة . . و ها أني أكتشف، و القراء معي، بفضل عبقريتك الفذة طبعا! . . أن البركة هذه ليست راكدة مثلما ظننت، و إنما هي آسنة، لا يفوح منها إلا النية المبيتة بالتشهير و الإساءة!

الذنب هنا أيضا ليس ذنبك! . . و إنما ذنب أولئك الذين روجوا لك على صفحات الصباح، و لا غرابة! . . فهم كانوا قد أصدروا في وقت سابق عددين متتالين من ملحق "أدب و ثقافة" مخصصين للترجمة و الترجمان لم يشركوا فيهما على الإطلاق خبيرا للترجمة، أو أستاذ ترجمة أو مختص بالترجمة، بل إكتفوا، حسبما أذكر، بهواة من قراء الترجمة، بينهم شاعر لا يعرف لغة ثانية على الإطلاق و خبير قانوني، و كان من بينهم أيضا من قارن بين ترجمات متعددة لشعر اليوت . . تخيلوا! . . و هو لا يعرف اللغة الإنكليزية بإعترافه إلا بحدود معرفة الهاوي لها! . . و مع ذلك، لم نسمِ ذلك كله فسادا في تحرير الثقافيات!

9 –  هل تعلم سيدي . .  إن قصيدة "إيكاروس من جديد" و اللوحة التي معها، هي بالأصل واحدة من تسع قصائد عن تسع لوحات، لا أدري العدد الذي نشر منها لحد الآن في الصباح؟  . . فلماذا لم يتتطرق الى ذكر تلك القصائد؟ . . فضلا عن أن مترجما لمشروع من هذا النوع لا بد أن تحمل ترجمته قراءتين متداخلتين، إحداهما للقصيدة و الأخرى للوحة، لكي يكون بمقدوره المزج بين سيميائية النوعين الفنيين، و ما ينتج من هذا المزج من قيم معرفية و حس جمالي! . . و مرة أخرى أنا لا أعتقد أنك قد كلفت نفسك مهمة الإطلاع على اللوحة و ما فيها!

مرة أخرى الذنب ليس ذنبك  يا أستاذي! . . و إنما ذنب بحر العلم الواسع في الثقافة الذي يفيض علينا من محرري ثقافية الصباح بمقالات من نوع مقالتك!

10 – ثم  . . ألم يكن بإمكانك، آخر الأمر أن تتحفنا بترجمة للقصيدة المذكورة في سبيل المقارنة؟  . . التعليق هنا أتركه للقارئ!

11 – و لنفترض . . آخر ألأمر  . . أن القصيدة ترجمها مترجم هاو من شاكلتي، و إطلع عليها أستاذ  مترجم جهبذ لا يشق له غبار في الترجمة من شاكلتك . . فهل كان من حقك أن تقحم كل هذا الحديث، عن الفاسدين إداريا و ماليا، مقدمة لمقالتك، لدرجة أن بعض القراء ظنوا باني منهم! . . و الأدهى من ذلك إن محرري الصباح تمادوا في الأمر، فوضعوا صورتي في صدر مقالتك، إمعانا في التشهير و الإساءة، و هم الذين لم يعودوني يوما على وضع صورتي في صدر أية مقالة أو ترجمة نشرتها في الصباح، فضلا عن  أنك تتحدث عمن أسميتهم "فاسدين ترجمانيا"، دون أن تذكر أسمائهم! . . فهل ما يزال أولئك من حملة المناصب و أصحاب المقامات الرفيعة و من حملة المسدسات  ممن تخشاهم على حياتك؟ . . أم انك تجاملهم على وفق مبدأ المصالح "الخبزوية"؟

      و لابد للمرء أن يتساءل آخر الأمر عما يتكشف من كل هذا!  . . الذي يتكشف هو أن ثقافية الصباح (المختصة بالأدب تحديدا لا غيرها كي لا يساء فهمي) لا تقاليد راسخة لديها في مجال النشر، و إلا لكانت قد عملت مثلما هو دارج في أرقى دور النشر، بأن تخصص من يكشف أخطائي و أخطاء غيري و تصحيحها قبل النشر، فنشكره على صنيعه، لا أن تترك المجال لأفاق، من شاكلتك، يتصيد بها أخطاء غيره، و هو ما يذكرنا بذاك الغبي المشهور المذكور في الميثولوجيا اليونانية، إذ أراد بيع بيته، فإنتزع من البيت طابوقة و ذهب بها الى السوق نموذجا!


و ما أزال أتساءل: متى سيكون لنا مرجعية معترف بها للترجمة في هذا البلد! . . و أقصد بذلك وجود جهة مادية و معنوية تجزي المترجم على ساعات السهر الطويل في إنجازه ترجمة كتاب ما من جانب، و تزكي الكتاب و تثني على مترجمه إن كان مبدعا في صنعته  . . و هما شرطان لازمان للإرتقاء بدافعية المترجم نحو تطوير شاغله الى صنعة مثل باقي الصنائع . . إن كان هاويا!
          و أتساءل أيضا عن سبب غياب مثل تلك المرجعية لتكون المفوض العلمي و المعنوي الذي يوحد المصطلحات (في جو فوضى المصطلحات السائد هذه الأيام) و تعطي، من جانب، رأيها في أخطاء مظنونة عند المترجم، و تكون ، من جانب آخر، مسؤولة أيضا عن إقالة المترجمين من عثراتهم، التي لا يسلم منها مترجم، أي كان، إطلاقا، و من جانب ثالث، توفق بين إجتهادات المترجمين المتضاربة لصالح الترجمة. .  و بذلك، قد تنجي، مثل هذه الهيئة ، حقل الترجمة ممن هب و دب من الطارئين عليه و الجهلاء!
           و قد يكون غياب مثل هذه الهيئة هو السبب المباشر في غياب تقاليد للترجمة في بلدنا . . و أعني بذلك آداب مهنة للترجمة، إن صح التعبير. و التقاليد traditions في حقل  ما تعني، بعبارة أخرى، و جود جيل من المترجمين لحقبة معينة، يستند على ما أنجزه جيل سابق، و يسلم بعدئذ ما ورثه من معرفة في علم الترجمة و فنونها الى جيل لاحق . . و هكذا دواليك . . فنحن، كمترجمين، ما نزال لسنا أكثر من متلقين لمناهج في الترجمة تأتينا من كل حدب و صوب، و لم نتوصل، لغاية ألآن، الى القيام بالخطوة الأولى بإتجاه خلق منظومة عراقية للترجمة.
          و الترجمة، بوصفها فعلا معرفيا، حالها حال أي حقل من حقول المعرفة، لا ينمو تراكميا إلا بوجود شروط، منها مادية و إجتماعية و تربوية و حضارية. و هذه الشروط لا تتحقق تلقائيا، ما لم يجري إدراك الحاجة للترجمة على أنها تجاوز للذات و إنتصار عليها بتحقيق إتصال بالآخر معرفيا لمصلحة البشر. و لقد حقق اليابانيون و الأسبان و غيرهم من الشعوب مثل هذا الإنتصار . . و الدليل على ذلك هو أن أي كتاب مؤلف جديد يصدر في أي بلد في العالم قد تجد له ترجمة تصدر في الأسبوع ذاته في اليابان أو في أسبانيا أو في أي بلد مدرك لهذه الحقيقة. أما نحن فلم نصل لحد الآن حتى  لتهيئة الشروط للقيام بالخطوة الأولى لتحقيق مثل هذا الإنتصار. و مترجمنا ما يزال يتلقى عن أي كتاب يترجمه أجرا قد لا يسد حتى مصاريف الورق و فناجين القهوة و الشاي، لدرجة أنه لولا وجود لهواية (و ليسمح لي المترجمون لأقول أنها تشبه الهوس!) لدى أفراد قلائل من المترجمين، يشبه هوس الشعراء في قول الشعر و كسر المألوف، لما وجدنا كتابا مترجما عراقيا في سوق الكتب. و مع ذلك . . يلاقي نتاج أولئك الجنود المجهولين إهمالا و إغفالا مقصودين أحيانا!
و مثال عن غياب مثل هذه التقاليد في ثقافية الصباح؛ هو إني تقدمت الى سلسة "كتاب الصباح الثقافي" بكتاب مترجم لغرض نشره . . فهل يتخيل القارئ من كان الخبراء في تقييم ترجمة الكتاب و مادته؟ أولهم كان مسؤول ملحق "أدب و ثقافة"، و هو محرر، و إن كان إحتمال كونه قادرا على القراءة بالإنكليزية قائما، فهو بالتالي ليس خبيرا في الترجمة و لا في اللغة! . . و الفرق شاسع بين الإثنين، مثلما يعلم الجميع! . . ثم تفاجأت قبل أسبوع من نشر المقالة موضوع الرد هذه، أثناء زيارة لي للصباح إن الكتاب أحيل الى خبير ثان، هو أحد رؤساء الأقسام (و ما يزال موجودا)، و هو رجل لا يعلم من الإنكليزية سوى ما يساعده على تقليب صفحات الانترنيت! . . لاقاني الرجل و قال لي  . . "الكتاب ثـﮕيل (يقصد ثقيل!)" . . فسألته "من أي وجهة هو ثقيل؟" . . قال "إنه ملئ بالمصطلحات" . . فعلقت ساخرا . . "و هل كان عليّ كمترجم  أن أخلص  و أنظف الكتاب منها؟" . . رد الرجل . . "لا، لكنه فوق إستيعاب قارئ هذه السلسلة، لآنه صعب!" . . و بعد أن علم محرر  من القسم المجاور إن الكتاب عن مسرح شكسبير، تدخل الرجل قائلا لذاك الخبير . .  "كيف تريدون لكتاب يدور الحديث فيه عن أعقد و أغنى شاعر و كاتب مسرحي في التاريخ  أن يكون سهلا؟" . . بعدها قررت حينذاك أنا من جانبي أن أغلق الحديث قائلا للخبير بعصبية  . . "يا سيدي ما عدت مهتما بنشر هذا الكتاب، فهلا أخبرت مسؤول  ملحق (أدب و ثقافة)  بهذا ألأمر؟" . . و لم أر ذاك المسؤول بعدئذ!
            و اترك هذا الأمر هنا بين يدي القاري اللبيب . . ليتصور! . . خبير لا يعرف الإنكليزية يقيم كتابا مترجما من الإنكليزية، عدا هذا التسطيح الذي يمارسه ضد عقلية القارئ، بأن يستخف بقواه الذهنية و المعرفية خبير من هذا النوع مقدما! . . و ها أني، بردي هذا، قد أضيف الى أولئك الخبراء خبيرا جهبذا في الترجمة من نوع كاتب المقال عن الفساد الترجماني! . . و الغريب في الأمر كله هو أن مسؤول ملحق "أدب و ثقافة" حين تقدمت لنشر الكتاب لم يطالبني قط بنسخة من الأصل الإنكليزي للكتاب لغرض التثبت من أمانة الترجمة مثلما هو دارج و شائع! . . مرحى و هنيئا للثقافة! . . و رحم الله المتنبي:
                     و من جهلت نفسه قدره      رأى غيره منه ما لا يرى
لقد ربطتني، بصفحة الثقافة الأدبية في جريدة الصباح، علاقة تطورت الى صداقة بمرور الوقت، منذ أول رئيس تحرير لها، و حتى آخرهم ألأستاذ فلاح المشعل . . و تعاملت مع أغلب محرريها: سعد هادي و شاكر الأنباري و عادل عبد الله و توفيق التميمي و كريم شغيدل و محمد خضير سلطان و خضير ميري و نجاة عبد الله (التي  خصصت لي مساحة أسبوعية في حينها) و سهيل نجم و كاظم حسوني و زعيم نصار و غيرهم في أقسام أخرى، و كانوا جميعا مثال المحرر المخلص لمهنته؛ ينبهونني على أخطائي،  و يتصلون بي لإقتراح حذف ما يظنونه إقحاما، و يلطفون أحيانا من عباراتي التي يرون فيها إندفاعا لا موجب له، و كنت أشكرهم على ذلك مخلصا على إخلاصهم لمهنتهم المعرفية المقدسة، و ذاك هو ما طور الصداقة بيننا، لكي ترتقي فيما بعد الى مصاف صداقة معنوية مع مؤسسة الصباح  نفسها عموما، بغض النظر عن مجئ محرر أو ذهابه، خدمة للثقافة و المعرفة. و لم أجد بينهم جميعا من كان على إستعداد لخسارة هذه الصداقة، سوى محرري الصفحة الثقافية الأدبية الحاليين، الذين أثبتوا براعة لا نظير لها في تجريد الجريدة من أصدقائها، بنشرهم هذه المقالة التي أساءت للصفحة الثقافية قبل أن تسئ إلى سمعتي العلمية، بأن إنحدروا الى مستوى نشرات الفضائح الرخيصة المعروفة السمجة!
            بربكم . . هل بعد هذا  . . أكون أنا الفاسد ترجمانيا؟ . . و لكن، للأسف يبدو أننا قد نتفاجأ أحيانا، إذ نجد أن جرثومة الإساءة للغير ما تزال تعشعش في مخ البعض بأسم حرية الرأي و النشر!
            أضع ردي هذا بين يدي رئيس التحرير الأستاذ فلاح المشعل، لا بين يدي غيره من جريدة الصباح، لكي لا يجري التلاعب بهذا الرد من أجل تبرير الأخطاء بحجة طول الرد أو أية حجة أخرى . . و مرة أخرى أقول: الحر تكفيه الإشارة!   

  

         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق